أبريل 20, 2024
اخر الاخبارالعراق والشامسلايدر رئيسيةعالم المرأةعربي دوليمقتطفات تلسكوب

55 ألف سيدة حامل منهن 5500 سيضعن خلال الأسابيع المقبلة ومهددات بالإجهاض أو الولادة المبكرة أو الموت

وكالة تلسكوب الاخبارية

كانت انقباضات رحم رولا تزداد حدة عندما ملأ الدخان الأسود غرفة نومها، وبصعوبة كانت تسحب شهيقها الملوث بالغبار الذي انتشر في أرجاء بيتها. على الفور شعرت السيدة الحامل بألم شديد أسفل بطنها وظنت أنها دخلت في مرحلة المخاض المبكر.

ليس لرولا تجارب حمل سابقة، فهذا حملها الأول الذي مر عليه سبعة أشهر فقط، وهي غير قادرة على التمييز إذا كان هذا ألم المخاض أو نتيجة خوفها من الغارات الإسرائيلية التي طاولت منطقتها في مخيم جباليا شمال مدينة غزة.

كأنه يوم القيامة

كانت رولا خائفة، وزاد ذعرها عندما اخترقت شظية زجاج غرفتها، وأتاحت لها فرصة أن تشاهد ما يحدث في الخارج، كانت المنازل تنهار كأنها أكوام رمل، وكتل النيران تزداد اشتعالاً مع كل قنبلة تسقط على محيط سكنها.

هرعت الحامل بصعوبة، ومدت يديها نحو بطنها تحتض جنينها، وتوجهت نحو الدرج، نزلت بسرعة لا تعرف كيف فعلت ذلك، وأخذت تركض في الشوارع المدمرة، وتنظر إلى القنابل التي تسقط على المباني فتدمرها في لحظة أمام عينيها.

تقول رولا عن لحظة الهرب “كأنه يوم القيامة، كانت الشظايا تتطاير فوق رأسي، وبوضوح شاهدت أشلاء الضحايا تتطاير نتيجة الغارات، هذه المشاهد زادت نسبة الخوف لديَّ، وجعلت انقباضات الرحم تشتد وتصبح أسرع. من الألم اختبأت قرب منزل مهجور أثناء سقوط القنابل، وكنت متأكدة أنني سأموت لا محالة”.

مولود من دون رعاية

كل خطوة كانت تمشيها الحامل بمثابة سباق مع الموت، حيث استغرق القصف نحو سبع دقائق وعاشت رولا هذه اللحظات كأنها سبع سنوات، تضيف “بعد أن هدأت الغارات، فتحت هاتفي للاتصال بالإسعاف، لكن كانت الاتصالات متوقفة، أخذت طريقي سيراً وركضاً نحو المستشفى”.

ووصلت رولا أخيراً إلى مستشفى الشفاء، حيث تزدحم أرضيات المباني والممرات بالجرحى، أخذت تصرخ “يا الله، أظن أنني ألد”، بسرعة تدخلت الطواقم الطبية، ولحسن الحظ أنجبت مولودها بأمان، لكنها غادرت المستشفى بعد ثلاث ساعات فقط لإفساح المجال لمزيد من النساء الحوامل والجرحى.

في غزة، يوجد نحو 55 ألف سيدة حامل، منهن 5500 متوقع أن يضعن خلال الأسابيع المقبلة، وذلك بحسب بيانات صندوق الأمم المتحدة للسكان، الذي يؤكد أن “جميعهن يعشن في ظروف صعبة للغاية، ومن دون رعاية صحية، وكثيرات منهن مهددات بمواجهة مضاعفات صحية تتمثل في الإجهاض أو الولادة المبكرة، ويواجهن تحديات لا يمكن تصورها أو وصفها بالكلمات ولا حتى الصور”.

ولادة الشهر السادس

وهذه خلود، التي استيقظت على صوت الغارات الجوية الإسرائيلية، فهربت من بيتها إلى مدرسة لجأت إليها، من دون أن تصطحب معها شنطة الولادة التي جهزتها على مدار الأشهر الماضية، وهناك نامت على الأرض الباردة من دون فراش ولا أغطية. تقول “كانت الأرض تهتز مع كل انفجار، لقد شعر جنيني بهذا الألم والخوف، كنت أحلم أن يولد في أمن وسلام، لكن ذلك كان مستحيلاً”، تعرضت السيدة إلى الدوخة والتعب والصداع الشديد منذ فرارها من منزلها، وعاشت على قطعة خبز جافة.

في اليوم التالي وصل ألم المخاض لذروته، اضطرت السيدة للتوجه إلى المستشفى، لكن الأم التي كانت في الشهر السادس أجهضت الجنين، ودفنته بيديها.

يومياً تصل إلى مستشفيات غزة نحو 200 حالة ولادة، ولا يجدن أية خدمات صحية مناسبة وبعضهن وصلن مصابات بجروح وفقدن أطفالهن.

في مشهد حابس للأنفاس داخل المستشفى الإندونيسي، التف خمسة أطباء وممرضين حول ريم التي وصلت جريحة نتيجة إصابتها بشظية اخترقت بطنها، وكانوا يحاولون استخراج الجنين الذي يزال قلبه ينبض، فتحوا بطن والدته دون أي مخدر، لكن الجنين ووالدته فارقا الحياة بعد دقائق من الإسعافات التي حاول الأطباء إجراءها. فتح زوجها أحمد ذراعيها ووضع داخل حضنها طفله. وقال “أنت الآن في حضن أمك حيث الحنان”.

وأيضاً فارقت سعاد الحياة بعد أن تعذر عليها الوصول إلى المستشفى، ونتيجة ألم الولادة توفيت في بيتها قبل أن يتمكن أقاربها من نقلها إلى أي مرفق صحي، ومات معها جنينها الذي لم رفض أن يخرج على أرض غزة وهي في حالة حرب.

وضع مروع

يقول متخصص النسائية والتوليد عبدالحكيم شحاتة إن “عدداً كبيراً من النساء تحصل عندهن ولادات مبكرة وحالات إجهاض كثيرة وراءها الخوف والهلع، معظم الحالات تصل وهي في حاجة إلى ولادة مبكرة، حيث يتم إخضاعهن لعمليات قيصرية ووضع مواليدهن في الحضانات”. ويضيف “في مكان عملي فقدت أكثر من 10 نساء أجنتهن، وواحدة توفيت أثناء إجراء عملية قيصرية. طوال خدمتي هنا لم أرَ مثل هذا الوضع المروع، لدينا مخاوف من إصابة السيدات بالالتهابات والنزف”.

ويوضح شحاتة أن ما يقدر بنحو 840 امرأة قد يواجهن مضاعفات الحمل أو الولادة، بعد أن انقطعت خدمات الولادة الآمنة عن عديد من هؤلاء النساء بسبب اكتظاظ المستشفيات بالجرحى، ونفاد الوقود اللازم لتشغيل المولدات، ونقص الأدوية والإمدادات الأساسية.

أين حماية الحوامل؟

من صندوق الأمم المتحدة للسكان تقول المديرة الإقليمية للدول العربية ليلى بكر إن “النساء في غزة يتعرض لمضاعفات غير محتملة في المراحل النهائية والأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، ويعشن من دون ملابس ولا نظافة، ولا يعرفن ماذا سيحدث لهن في اليوم التالي”. وتضيف “أرسلنا إمدادات الصحة الجنسية والإنجابية المنقذة للحياة ومستلزمات النظافة الحيوية للنساء والفتيات، لكن ذلك لا ينقذ الحوامل من الإجهاض المتأخر الذي بات يحدث بشكل مبالغ فيه، ومن الولادة غير الآمنة”.

وتؤكد بكر أن حماية المواليد والنساء الحوامل موجودة ضمن مواثيق القانون الدولي، وتؤكدها المادتان 90 و91 من اتفاق جنيف، ويجب على أطراف النزاع نقل الحوامل إلى خارج المناطق المحاصرة والسماح لهن بالمرور وتأمين الأدوية والعلاج والرعاية والمستلزمات الخاصة بالأطفال.

Related posts

هآرتس: الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم!

daw daw

نتنياهو عن تحرير الأسيرين: من أنجح عمليات الإنقاذ في تاريخ “إسرائيل”

daw daw

الضمان الاجتماعي : رواتب المتقاعدين في البنوك الأربعاء القادم

daw daw