أبريل 20, 2024
تعليم وجامعاتسلايدر رئيسية

رفقاً بوزارة التربية والتعليم بعيداً عن المثالية والكمال ..

بقلم : فيصل تايه
من إيجابيات أزمة كورونا أنها أظهرت مقدرة كل قطاع من قطاعات الدولة على إدارة هذه الأزمة بمهنية عالية للتعامل مع هذا المستجد وتقديم الخدمات بطرق وأساليب مختلفة ، فوزارة التربية والتعليم هذا القطاع الحيوي المهم الذي يعنى بكل أسرة ، مثله مثل أي قطاع كان يقدم خدماته بكل همة ومسؤولية ، فحين حلت أزمة كورونا تعذر تقديم خدمة التعليم المباشر للطلبة، وبناء عليه لم تقف الوزارة مكتوفة الأيدي تجاه ذلك بل سارعت الى إيجاد طرق جديدة لاستمرار التعليم للطلبة فحولت عملية التعليم الى تعليم رقمي «التعلم عن بعد» من خلال منصات الكترونية متعددة، واجه ذلك تحديات وصعوبات في هذا الأمر المستحدث ليس من قبل قطاع التعليم فحسب بل حتى من قبل الطلبة أنفسهم وأولياء أمورهم ، حيث كان التفاعل محدودا مع هذا التغيير، ما شكل عبئا كبيرا على الوزارة والمسؤولين فيها.
وزير التربية د. تيسير النعيمي وكل المسؤولين في قطاع التربية والتعليم الذين جاءوا من رحم العمق التربوي وبالرغم من حداثة عهدهم كمسؤولين في استلام مناصبهم الحالية منذ اشهر قليلة قبل ازمة كورونا ، حولوا جاهدين تصحيح الحالة العامة التي كانت تعاني منها وتعيشها وزارة التربية والتعليم حيث كانت اغلب القرارات تقع فريسة أساطين تبحث في المقام الأول عن سبل لاظهار المنظومة التعليمية على انها منظومة ناجحة ، ومنهم قيادات ” الحرس القديم ” التي كانت تتربع على عرش الوزارة ، وتمارس اسلوب تلميع الذات أكثر من البحث عن صيغة منهجية تنقذ التعليم من أسقامه وتقرحاته التي أعيت من يداويها و تكون نابعة عن فهم عميق لمفردات الواقع ، فقد عانت وزارة التربية والتعليم منذ عدة سنوات من التخبط في القرارات التربوية وخاصة الادارية منها ، تلك التخبطات التي أسست قانوناً خالصاً لتدمير الحياة الإبداعيه ، وجعلت من معايير المحسوبيه مساحةً لصعود من لا يستحق على حساب من يعملون بصمت للنهوض بالعمل قبل أن يرتطموا بجدران الانانية والمكاييل الشخصيّة ، تلك المعايير الأبعد ما تكون عن معايير العمل الرامي للبناء السليم المحاصر بالوجل ، اضافة الى تحييد الكفاءات المشهود لها ، حيث مارست صفة التطفيش والارهاق وتلفيق الاكاذيب والاتهامات لتلك الكفاءات “ليبقى الميدان لحميدان” وقس على ذلك ، واضافة الى كل هذا جاء قرار مجلس الوزراء الخاص بالتقاعد المدني بهدف التشجيع على التقاعد والذي جاء بتوقيت زماني غير مناسب والذي افرغ الوزارة مما تبقى من الكفاءات العاملة في أجهزتها ، لتبدأ المعاناه جراء النقص في الكوادر الخبيرة ، فهذا الواقع ذكرني بقصة سيدنا موسى عليه السلام لما رأى أنَّ القيادة في أعلى رتبها وأكملها لم تكن لتنفعَ والقاعدةُ في الحضيض رغمَ كثرتِها، عندئذٍ أجابَ عليه السلام ربًّا دعاه، وفارق قاعدةً رضيت بالعودة ، وكان من أسوأ أوصافها النكران والتنكُّر والجحود: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}
لكن صاحب البيت أدرى بغدراء بيته والقيادات التربوية التي تسلمت مهامها بقيادة الوزير المخضرم أدرى بغدراء المؤسسة التربوية وزواياها الرمادية وإيجاد مساع لقراءة تفاصيل المشهد العام لواقعنا التربوي تاسيساً لوضع قواعد متينة لبناء مؤسسي أكثر حدة وكفاءة ، بالاستعانه بكافة الكفاءات والخبرات السابقة واللحقة ، لذلك وضمن هذه الظروف التي فرضت بفعل الجائحة كان لدى القيادات الجديدة الإصرار على ضرورة استمرارية العملية التعليمية ، وألا ينقطع الطلبة عن تحصيلهم الدراسي بأي شكل من الأشكال في هذا الظرف الاستثنائي ، ما دفع بالوزارة إلى تسخير كل الإمكانات لديمومة الحركة التعليمية عبر التطبيقات الإلكترونية المتاحة ، ولم يقف الأمر عند ذلك بل صاحب هذه العملية تدريب للكوادر التعليمية في طرق إنتاج دروس إلكترونية ومواد إثرائية عبر المنصات التفاعلية لتسهل على الطالب عملية التعليم عن بُعد، وصاحب ذلك تقييم مستمر لقياس مدى أثر هذه الخطط وفعاليتها من أجل التطوير والتحسين، ولا شك أن التعليم عن بُعد يعتبر وسيلة مساندة ولا يقوم مقام التعليم النظامي الا ان الإجراءات التي قامت بها وزارة التربية والتعليم كانت طرق للعلاج اتخذتها من بين الأفضل على مستوى المنطقة بل والأكثر مرونة في كل سياسات التعليم وطرق التدريس بل حتى في المحتوى التعليمي في المناهج الدراسية .
لن نتدعي وزارة التربية والتعلم المثالية والكمال التي لا توجد إلا في خيال الفلاسفة ، لكنها لم تدع المثالية إطلاقاً بل سعت لإيجاد حلول مثلها مثل باقي الوزارات التي غيرت من طرق تقديم خدماتها تماشيا مع هذه الأزمة ، بطبيعة الحال هذه الحلول لا يمكن أن تأتي بالشكل الذي يحقق الرضا التام لدى الجميع لأنها جاءت كبدائل استثنائية وبالأخص عندما نتحدث عن عملية التعليم وما يصاحبها من عناء ومشقة سواء داخل المدرسة أو في المنزل ، اضافة الى امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة الذي فرض على الوزارة مرغمة استخدام نمط جديد للتقيم .
ومما لاشك فيه أن تربية النشء عملية مشتركة تشترك فيها الأسرة والمدرسة والمجتمع، ومن المشين أن يُلقى اللوم على وزارة التربية بينما تتقاعس الأسرة والمجتمع عن ابسط واجباتهم تجاه الناشئة، ومع بقاء الأبناء في المنازل عرف الناس قيمة المدرسة، وأدركوا قيمة المعلم والجهد الذي يبذله، وأدركوا كذلك أهمية التعليم بالنسبة إلى مستقبل أبنائهم وإلى الوطن بأكمله ، وعلى الرغم من أن الآباء والأمهات مكثوا في بيوتهم خلال فترة الحجر للحد من انتشار الوباء، فإنهم وجدوا صعوبة في احتواء أبنائهم وتحملهم طوال اليوم، ولكم أن تتخيلوا الجهد الذي يبذله المعلمون طوال العام .
واخيرا فان ايمان وزير التربية والتعليم قائم على قناعته بسرعة التعايش مع الواقع الجديد والتركيز على التكنولوجيا واستخدامها بشكل يمكن جميع العاملين من استخدامها في التفاصيل التي تتطلبها طبيعة المرحلة فالمستقبل هو لإدخال التكنولوجيا كمكون ضرورى بالتعليم ، وتسخير المنظومات الرقمية بشكل تام خاصة في التعليم المدمج والمتمازج وبما يحقق صالح تعليمنا ومجتمعنا بأكمله ، ومن هنا تأتى ضرورة المصارحة والتقويم لما حدث خلال السنوات الماضية فى قضية تكنولوجيا التعليم التي ابادها وللاسف بعض الوزراء السابقين لأنه بدون هذه المصارحة سيكون علاج خاطئ آخر قد لا يحتمله المستقبل .
بقي ان نقول من باب الإنصاف وإحقاق الحق، ان التعليم في هذه المرحلة لم يكن على الإطلاق سهلا ، والتجربة الاردنية كانت من أفضل التجارب التربوية على مستوى المنطقة ، على الرغم من محدودية الإمكانات مقارنة بدول الجوار الأكثر ثراء.
كلمة حق تقال
والله المستعان

Related posts

بعمر 83 عامًا… بيلوسي تعلن ترشحها لانتخابات الكونغرس 2024

daw daw

(293) مليون دينار الأرباح الصافية لشركة البوتاس العربية للعام 2023

daw daw

بعدد غير مسبوق من الشركاء والرعاة ٣٩ جهة شريكة وراعية لمؤتمر العقبة التاسع للتأمين

daw daw