مايو 3, 2024
اخر الاخبارالخليج العربيمقتطفات تلسكوب

السعودية تقوم بتعيين سفير لها لدى دولة فلسطين ما دلالات ذلك ..؟

وكالة تليسكوب الاخبارية

لا بد من أن نتريث وننتظر مستجدات وتطورات ما بعد خطوة المملكة العربية السعودية المفاجئة بتعيين سفيرها في الأردن الدبلوماسي المخضرم نايف بن بندر السديري سفيراً فوق العادة لدى دولة فلسطين غير مقيم وتعيين قنصل عام في القدس المحتلة ، هذه الخطوة بهذا التوقيت حيث كثر الحديث مؤخراً عن ضغوط أمريكية تمارس على السعودية للمضي قدماً بتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية حيث تبذل إدارة بإيدن جهوداً في هذا المضمار لأستكمال خطة ترامب للتطبيع وفق ما تم تعريفه ” إتفاقيات أبراهام للتطبيع “، إذا كانت الخطوة السعودية لتعيين سفير فوق العادة لدى دولة فلسطين غير مقيم   مرتبطة بملف التطبيع عندها يجب التوقف لأن خطوه كهذه تحمل الكثير من الدلالات والتفسيرات والتحليلات والتأويلات، بلا شك يرى مراقبون في خطوة السعودية أنها تعكس تعزيز التواصل والتنسيق بين الطرفين في مجموعة من القضايا السياسية والأقتصادية والأجتماعية،

وسيكون للخطوة السعودية وفق تقييم الخبراء والمحللين وأنا واحداً منهم تأثيرات محتملة على القضية الفلسطينية خاصةً، وقضايا الشرق الأوسط عامة، وزيادة تأثير وحضور الدور السعودي سياسياً في المنطقة، والقضايا الإقليمية.

     في 12 أب / أغسطس 2023 سلم السفير السعودي المخضرم لدى الأردن نايف بن بندر السديري، نسخة من أوراق إعتماده سفيراً فوق العادة مفوضاً وغير مقيم لدى فلسطين، وقنصلاً عاماً بمدينة القدس المحتلة، إلى مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدبلوماسية، مجدي ألخالدي في مقر سفارة دولة فلسطين في العاصمة الأردنيه عمان .

    ولا يُستبعد – وفق مراقبين – ومحللين أن يحدث القرار السعودي تقدماً في تحقيق تسوية سياسية  للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مرتبط  بملف التطبيع مع إسرائيل علاوة على أنه يعتبر التزاماً من المملكة العربية السعودية وبتوجيه   ودعم من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الشعب الفلسطيني وحقوقه ، إضافة إلى الدور الذي تحاول أن تلعبه السعودية في المنطقة والأقليم.

      وخلال مراسيم تسليم السفير السعودي أوراقه بالعاصمة الأردنية عمّان، أكد ألخالدي أن الخطوة السعودية ستسهم في تعزيز العلاقات الأخوية القوية والمتينة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين.

      وأعرب ألخالدي نيابة عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن شكر فلسطين وتقدير شعبها وقيادتها لمواقف المملكة العربية السعودية الثابتة تجاه الشعب الفلسطيني وقضيتهم العادلة، وإسنادها الدائم للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية كافة.

     كما أشاد بحرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان على هذه الخطوة المهمة، على طريق تعزيز العلاقات الأخوية في مختلف المجالات التي تخدم البلدين والشعبين.

     في سياق متصل تعهد وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، بعدم السماح لأي دولة بفتح ممثليه دبلوماسية بالقدس الشرقية تكون تابعة للسلطة الفلسطينية، رداً على إعلان السعودية تعيين أول قنصل غير مقيم بالقدس المحتلة.

    ونفى كوهين، في تصريحات لإذاعة “103fm” المحلية، (13 أب / أغسطس 2023)، أن تكون المملكة العربية السعودية نسقت مع ” إسرائيل ” لتعيين القنصل قائلاً : ” لم ينسق السعوديون معنا ولا يحتاجون إلى ذلك “، مضيفاً : ” لن نسمح بفتح أي ممثليه دبلوماسية للفلسطينيين بشكل فعلي من نوع أو آخر بالقدس. هذا لا يناسبنا “.

     واعتبر أن تعيين السعودية لأول قنصل بالقدس ” بمثابة رسالة للفلسطينيين بأنهم لم ينسوهم، على خلفية التقدم في مفاوضات التطبيع بين الرياض وتل أبيب “.

      وشهدت الفترة الأخيرة تهافتاً إسرائيلياً ملحوظاً على التطبيع مع السعودية، من خلال تصريحات مستمرة من أعلى الهرم السياسي داخل دولة الإحتلال، والتي تدعو إلى إقامة علاقات مع الرياض.

     وكان كوهين قد صرح يوم 11 آب / أغسطس 2023، إن التطبيع مع المملكة العربية السعودية ” مسألة وقت وحسب “، موضحاً أنه إذا حصل فسيؤدي إلى إنخفاض أسعار الطاقة.

     وقال كوهين لموقع ” واينت ” الإلكتروني الإسرائيلي : ” التوصل إلى إتفاق تطبيع علاقات بين إسرائيل والسعودية يمكن إنجازه” بحسب تصريحات المسئولين فيها،  موقف واضح وشروط من التطبيع مع ” إسرائيل ” : أحدها إقامة دولة فلسطينية وهو ما ترفضه ” إسرائيل “، خاصة في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة التي تقود دولة الإحتلال حالياً بزعامة رئيس حزب الليكود النتن ياهو.

    وتريد السعودية حل الصراع الإسرائيلي مع الفلسطينيين وفق مبادرة السلام العربية التي طرحها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود عام 2002، ووافقت عليها الدول العربية بالإجماع.

    وسبق أن أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود، أن بلاده لن تقوم بالتطبيع مع ” إسرائيل ” من دون إقامة دولة فلسطينية، وأوضح في تصريحات نشرتها وزارة الخارجية السعودية عبر حسابها بمنصة “X”، أن ” التطبيع والأستقرار الحقيقي لن يأتي إلا بإعطاء الفلسطينيين الأمل من خلال منحهم الكرامة، وهذا يتطلب منحهم دولة “. وتشارك المملكة العربية السعودية في الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث كان للمملكة دور في دعم مبادرتها العربية للسلام.

     وتنص مبادرة السلام العربية على إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين، وأنسحاب ” إسرائيل ” من هضبة الجولان السورية المحتلة ، وكان آخر أشكال الدعم السياسي السعودي للقضية الفلسطينية خلال القمة العربية التي أحتضنتها جدة في شهر أيار/ مايو الماضي.

     ففي ختام القمة أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، والتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية عربياً، وعلى المبادرة العربية سبيلاً لحلها.

     ودان الإعلان بأشد العبارات الممارسات والأنتهاكات ألتي تستهدف الفلسطينيين في أرواحهم وممتلكاتهم ووجودهم كافة، داعياً المجتمع الدولي إلى الإضطلاع بمسؤولياته لإنهاء الأحتلال، ووقف الإعتداءات والأتتهاكات الإسرائيلية المتكررة التي من شأنها عرقلة مسارات الحلول السياسية، وتقويض جهود السلام الدولية، وشدد على ضرورة مواصلة الجهود الرامية لحماية مدينة القدس المحتلة ومقدساتها في وجه المساعي المدانة للإحتلال الإسرائيلي لتغيير ديمغرافيتها وهويتها والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها.

     ووفق كل ذلك وفي ظل التساؤلات لماذا أتخذت السعودية قرارها بتعيين سفير لها لدى دولة فلسطين فوق العادة وغير مقيم بهذا التوقيت …؟؟.

    ولما لم يتخذ القرار قبيل أنعقاد القمة العربية في جده في أيار الماضي وأتخاذه بتلك ألحقبه حمل دلالات ورسائل واضحة.

     لكن الخطوة السعودية بتعيين سفير ومفوض فوق العادة لها في فلسطين وقنصل في القدس بات يندرج وفق المتابعين والمحللين في سياق الجهود الجارية من قبل الإدارة الأميركية لتحقيق تطبيع كامل بين السعودية ودولة الأحتلال، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه هذه العلاقات والتي يجب تجاوزها.

     هناك أهداف تتبناها الإدارة الامريكيه منها إبعاد السعودية عن التحالفات الصينية والروسية والإيرانية، وتعزيز الدور الأمريكي في المنطقة، إلى جانب ما تبذله إدارة بإيدن من جهود  لإنقاذ ” إسرائيل ” من أزمتها الداخلية ومسعاها وفق ادعائها لمنع إنهيار السلطة الفلسطينية.

     حسابات الإدارة الأمريكية لموضوع التطبيع السعودي مع إسرائيل، تندرج أيضاً ضمن محاولة واشنطن إستعادة دور الرياض الإقليمي والعالمي في إستراتيجياتها الكبرى التي يشكّل الصراع مع روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية أهم أولوياتها، وهو الدور الذي أظهرت الرياض عواقب إستثماره خارج تلك الأجندة الأمريكية.

      فتح الإجتياح الروسي لأوكرانيا، والصدع العالمي الذي نشأ بسببه، مجالا للقيادة السعودية لإظهار أشكال الأستياء من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الديمقراطية، وأظهرت الرياض بعد ذلك الحدث، قدرتها على التأثير السياسي، عبر التعاطي الإيجابي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك عبر فتح خطوط واسعة مع بكين، كما فاجأت العالم بمصالحتها مع إيران، وكشفت هذه الدبلوماسية المتطورة والأيجابية لواشنطن، ضرورة إعادة برمجة سياستها الخارجية تجاه السعودية وولي عهدها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ورعاه، الممسك بزمام السلطة.

     يبدو التوجّه الأمريكي لدعم تطبيع السعودية مع حكومة النتن ياهو اليمينية المتطرّفة إعلاءاً لمبادئ الإستراتيجية الأمريكية، وتغافلاً متعمدا لوقائع توطد أسس تحالف أحزاب الصهيونية الدينية ومشروعها الواضح في إلغاء أسس الدولة الفلسطينية، وضم الضفة، وتهويد القدس، وإعادة بناء هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى .. الخ.

     وتعرض الخطّة الدبلوماسية الأمريكية من جهة أخرى، على إسرائيل المتأزمة بين معسكرين، صفقة كبرى مع العرب تفترض أن التحالف الإسرائيلي الحاكم سيتخلّى عن الأهداف التي إنتخبه جمهوره المتطرّف لتحقيقها.

    وفق الحسابات  الفلسطينية، يمكن أحتساب القرار السعودي الأخير ضمن جملة أعتبارات ممكنة،يعني وجود سفارة للسعودية في فلسطين، بداية، أن فلسطين سيكون لها سفارة أيضا في الرياض، بعد أن كان الموجود هو مكتب لمنظمة التحرير فحسب، وهو إعتراف عملي بدولة فلسطين، كما يمثّل الإعلان عن تعيين الدبلوماسي المخضرم نايف بن السديري قنصلاً (غير مقيم) في القدس، إشارة مهمة أخرى لتبنّي مطلب الفلسطينيين بإعتبار القدس عاصمة لدولة فلسطين، كما يمثّل القرار السعودي ايضاً رسالة مهمة لإسرائيل برفض فرض سيادتها على المدينة ألمقدسه للمسلمين.

    بين هذه الخطوط المتشابكة ألتي يشكل الصراع الدموي المعقد بين الفلسطينيين والإسرائيليين بؤرتها، ومصالح العرب وجيرانهم، وأشتباك الأجندات بين المحور الأمريكي ـ الغربي وخصومه، ستتحدّد بشكل أو بآخر مصير المنطقة.

    ويذكر أن المملكة العربية السعودية لغاية اليوم لا تعترف بإسرائيل ولم تنضم إلى ” اتفاقيات أبراهام ” ترامب المبرمة عام 2020 بوساطة الولايات المتحدة والتي أرست بمقتضاها الدولة العبرية علاقات رسمية مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان.

    رؤيتي كمحلل وقانوني دولي في ظل تشابك وتضارب المصالح والصراعات الدولية والإقليمية لا يمكن البناء على الخطوة السعودية لجهة تعيين سفير لها فوق العادة وقنصل عام في القدس لدى دولة فلسطين، حتى تتضح صورة التحركات الأمريكيه والضغوط الممارسة على السعودية للتطبيع مع إسرائيل وحتى تتبين حقيقة الصفقات والعروض وحقيقة أين تتم وضع القضية الفلسطينية،  نأمل بثبات الموقف السعودي وإصراره على تطبيق المبادرة العربية للسلام قبل أي خطوة تسبق التطبيع، وإقرار إسرائيل بالمبادرة العربية للسلام إقراراً ملزم والشروع بتطبيقها، وإقامة ألدوله الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، واكتساب دولة فلسطين عضويه دائمة في الأمم المتحدة، وأنسحاب إسرائيل من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وغير ذلك من قرارات تحمل في مضمونها وأثرها  الكثير من التساؤلات.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

الأردن  – عمان  2023/8/15

Related posts

وفاة مؤذن مسجد آيا صوفيا بنوبة قلبية

daw daw

الصحة والبيئة في الأعيان تبحث أبرز القضايا السكانية بالمملكة

daw daw

كاتبةٌ إسرائيليّةٌ : جنودنا يعودون بالتوابيت ولن نهزم فلسطينيًا يقفز بين الانفاق حافي القدمين

daw daw