مايو 6, 2024
اخر الاخباركتاب وأراء

العلاقات السعودية ـــ الإيرانية تعود بقوة بعد عقد من القطيعة بين البلدين

وكالة تليسكوب الاخبارية

       بعد الصراع الحاد بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية لعقد من الزمان، ها هو الوضع قد تغير بين البلدين اليوم، وعادت العلاقات بين البلدين أفضل من قبل، في وقت قد أصبح  فيه من السهل وصف الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان إلى العاصمة السعودية الرياض أنها طبيعية في سياق تلبية الدعوة التي وجهها له نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود أثناء زيارته العاصمة الإيرانية طهران في 17 أيار/ جون الماضي منهياً قطيعة بين البلدين إستمرت لنحو عقد من الزمن، وقد يكون من السهل أيضاً وصف الزيارة الإيرانية بأنها تصب في سياق تعزيز التعاون بين البلدين وتفعيل إتفاق المصالحة التاريخي الموقع بينهما في اذار / مارس الماضي برعاية صينية، وأن على طهران تنفيذ إلتزاماتها بعد أن قامت الرياض بما عليها، إلا أن زيارة وزير الخارجية الإيراني وعميد الدبلوماسية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان قبل أيام إقترن بحدثين مهمين: الأول تمثل في الإعلان عن توصل إيران إلى إتفاق مع الإدارة الأميركية حول تبادل السجناء والأموال الإيرانية المجمدة بقرار أمريكي يفتقد إلى أية أسس شرعية وقانونية وخاصة فيما يتعلق بالقانون الدولي، وأن واشنطن ( إنتهكت ) بتجميد الأموال والأصول   الإيرانية حقوق مواطنين إيرانيين  وشركات إيرانيه وبالتالي فإن  سلوكها غير قانوني.

     والثاني وهو الأهم القرار السعودي والمبادرة إلى تعيين عبدالله بن سعود بن رحيل العنزي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى  مسقط سفيراً للمملكة في إيران، وهي خطوة تؤكد إلتزام القيادة السعودية الكامل دفع الأتفاق إلى الأمام بغض النظر عن بعض العراقيل الناتجة من تباطؤ الجانب الإيراني بتنفيذ التزاماته إتجاه المملكة العربية السعودية.

         وقد شكلت زيارة وزير الخارجية الإيراني عبداللهيان إلى الرياض نقطة تحول في العلاقات الإيرانية السعودية، والإيرانية الخليجية، وقد تحمل ترجمة عملية لنتائج تطبيع العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتفتح الطريق أمام طرح مشروع تشكيل ” مجلس الحوار والتعاون ” الإقليمي ويضم في عضويته دول مجلس التعاون الخليجي وكلاً من إيران والعراق ( 6+2 )، وهي الرؤية التي وضعت على طاولة المنطقة مع زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أل سعود إلى طهران والجولة التي قام بها حسين أمير عبداللهيان لأربع عواصم خليجية وهي أبو ظبي والكويت ومسقط والدوحة، وسبقتها الأتفاقيات الإستراتيجية ألتي وقعها أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قبل إقالته من منصبه مع الإمارات العربية المتحدة والعراق بعد عودته من بكين والتوقيع على الأتفاق مع السعودية، وقد تكون فكرة هذا المجلس ليست جديدة لدى القيادة الإيرانية، فقد سبق أن حاول وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف الترويج لها في إطار الرؤية الإستراتيجية للقيادة الإيرانية ألتي تبنتها حكومة الرئيس حسن روحاني وتدور حول محور إقامة ” منطقة قوية ” من خلال إتفاقيات أمنية وعسكرية وأقتصادية وتنموية بين دول المنطقة وتشكيل قوة عسكرية مشتركة تتولى مهمة أمن دول المنطقة وتحمي الممرات الدولية وإمدادات الطاقة، وتمهد للتخلي عن وجود قوات أجنبية في هذه المنطقة الجيو سياسية سواء أميركية أو تابعة لحلف الناتو، علما بأن المشروع الذي طرحه روحاني وظريف جاء في توقيت غير مناسب، ولم تساعد المفاوضات المتقدمة التي كانت تجري بين إيران والسداسية الدولية حول البرنامج النووي في الحد من الهواجس والتخفيف من مخاوف الدول الخليجية من الطموحات الإيرانية والنفوذ الإقليمي الذي تمارسه في الشرق الأوسط وتهديد إستقرار الدول إضافة إلى دورها  في اليمن، كما أن التطورات ألتي حصلت على المستوى الإقليمي إنطلاقاً من إتفاق العاصمة الصينية  بكين بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمتغيرات الجديدة ألتي نتجت من ذلك الأتفاق وأنهت عقوداً من التوتر وتراكم الأزمات، قادرة على فتح مرحلة جديدة تنقل المنطقة إلى مستويات من التعاون والشراكة الإقتصادية والتجارية والتنموية على مختلف الصعد، بخاصة بين الأقطاب الأساسيين المتنافسين، بالتالي تفتح الأفق أمام تفعيل التعاون الدبلوماسي والبحث عن حلول سياسية للأزمات، هذه المتغيرات ألتي برزت وفرضت نفسها بعد إتفاق بكين، ونشرت أجواء من الأطمئنان والإيجابية فوق علاقات إيران مع دول المنطقة بالنسبة إلى القيادة الإيرانية وألتي تهدف لتحقيق أهداف عدة بمستويات مختلفة، في مقدمتها أو في المرحلة الأولى، مسألة العودة إلى ترميم العلاقات الثنائية بينها وبين دول المنطقة والسعي لإنهاء حالة التوتر في العلاقات معها، وهي أحد الأهداف الرئيسة التي تتمسك بها طهران في إتفاق بكين وتعتبرها نقطة محورية ومفصلية في علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، هذا في وقت تعتقد فيه دوائر القرار في إيران والدوائر الدبلوماسية أن عودة العلاقات الثنائية بين إيران والدول الخليجية ستفتح الطريق أمام ترميم علاقاتها الإقليمية وفتح مسارات جديدة من التعاون والتكامل الإقليمي والعمل المشترك في التوصل إلى حلول لأزمات المنطقة من اليمن مروراً بسوريا والعراق ولبنان وكل الأزمات الأخرى، وسيساعد التوصل إلى وضع أسس واضحة وصريحة وشفافة حول التعاون والتنسيق، على الدفع بفكرة تشكيل ( مجلس الحوار والتعاون ) الإقليمي وتحويله إلى منظمة إقليمية تتولى مهمة التعامل مع أزمات المنطقة ووضع حلول لها، وفي الوقت نفسه تكون هذه المنظمة الجهة الضامنة للألتزام وتطبيق التفاهمات والحلول ألتي تطرحها لحل هذه الأزمات، وفي حال أستطاعت دول المنطقة الوصول إلى تفاهم أو توافق على تشكيل هذه المنظمة الإقليمية، يصبح من الطبيعي أن تنتقل من مستوى التعاون السياسي والأقتصادي والتجاري والسياحي والثقافي والتنموي إلى مستوى التعاون العسكري والأمني، من خلال العمل على تشكيل منظمة أمنية إقليمية رديفة للمنظمة السياسية تكون الحارس والمدافع والذراع ألتي تساعد هذا المجلس أو المنظمة على توفير الحماية لأستقرار وأمن المنطقة والدفاع عنها وعن مصالحها، ويبقى الهدف الأكثر إلحاحاً للقيادة الإيرانية، الذي يدفعها لبذل كل ما يملكه من إمكانات سياسية وضمانات قد يقدمها لتقليل مخاوف دول المنطقة من طموحاته وأطماعه، وإن الدعوة الإيرانية لعقد المؤتمر  الدولي ( 37 ) للوحدة الإسلامية  في شهر أيلول / سبتمبر المقبل في عاصمة الثقافه والنور طهران والذي سأتشرف بالمشاركة به بورقة عمل عنوانها ( الأخوة الإسلامية ومكافحة الإرهاب من منظور القانون الدولي ) بمشاركة  60 دولة وأكثر من 800 شخصية دينيه وفكريه وقانونية من مختلف دول العالم لبث روح الطمأنينه لدول المنطقة ، هو السعي أيضاً لمواجهة التمدد الإسرائيلي في المحيط الإيراني وما يشكله من تهديد مباشر لأمنه القومي ومصالحه الوطنية، وأن الدفع لتشكيل منظمة إقليمية من إيران والدول الخليجية مع العراق ستشكل حاجزاً يحد من التهديد الإسرائيلي ويقطع الطريق عليه من تحويل المحيط الجغرافي لإيران لمصدر تهديد لها ولمصالحها.

     وما بين الطموح والواقع، أو ما بين تحويل الطموح إلى واقع، يأتي الأداء الإيراني في علاقاته مع دول المنطقة على رأس أسباب وعلل النجاح والفشل، وزيارة عميد الدبلوماسية الإيراني حسين أمير عبداللهيان للعاصمة السعودية الرياض والحفاوة الكبيرة ألتي أستقبل بها، ولقاؤه التاريخي مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ستشكل الإختبار الجدي والحقيقي لنوايا إيران ومدى رغبتها في تحقيق هذه الرؤية ألتي لا يمكن أن تترجم واقعياً من دون تبنيها من جانب المملكة العربية السعودية ومعها دول مجلس التعاون الخليجي، وأعتبارها مشروعاً إستراتيجياً على المستوى الإقليمي يساعد في التخفيف من التهديدات ألتي تحيط بالمنطقة، في إنتظار الجديد بين البلدين الشقيقين في المستقبل القريب والذي يبقى مرتبط بمدى إلتزام كل بلد بالشروط المتفق عليها من الطرفين.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

الأردن  – عمان  2023/8/22

Related posts

وفد من وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي القطرية يزور جامعة عمان الأهلية

daw daw

ديوان الخدمة المدنية : الناجحون في الامتحان التنافسي – اسماء

daw daw

خطة “حماس” لإغراق “إسرائيل”

daw daw