وكالة تليسكوب الاخبارية
عرس معان فرحة مضرجة بالدماء و حمام عريس يزف الى السماء ، وأم ثكلى بفلذة كبدها وعروس ترملت في يوم زفافها ، والمباركة اضحت في بيت عزاء، والموت يفجع الاحباء و الموعظة للأحياء ..
تأملت فيما كتبه المرحوم على صفحته قبل ان يتوفاه الله ،فوجدته ينعى نفسه بأصدق كلمات الرثاء ، فما زل فيما كتب في الرابع والعشرين من الشهر الماضي وكأنه شعرَ بموعد رحيله القريب ليترك لنا موعظة وعبرة في ذكراه..
“كمية إنَا لله وإنَّا إليهِ راجعون مُخيفة جدًا، ربي إن كنت أنا القادم فأحسن خاتمتي وتوفني وأنت راضٍ عني .. اللهُمَّ نشهدُكَ أنّنا عفونا ، وإن كُنّا سببًا في ألمِ غيرنا؛ فواللهِ ما كانَ إلّا سَهوًا ، فاعفوا عنّا”.
نعم صدق الوعد الحق ، فالوطن بأكمله قد ترحم عليه و اصابه من الحزن ما ينفطر له القلب و ترتعش له الالسن ، وكم استوقفتني جملة يوصي بها “اللهُمَّ نشهدُكَ أنّنا عفونا” – سبحان الله
فما أجمل واحزن ان تعفو وانت الذي ارتقيت بلا ذنب اقترفت ، سوى انك كنت ضحية عادات سلبية لا تمثل مجتمعنا الامن ، لكنها منظومة توارثناها بالجهل للاسف ، ما كانت لتكون عادة قويمة بل انها مقيتة ومظهراً لم يعد الا ضرباً من الطيش و الاستهتار بأرواح الناس و ترويعهم..
لم يكن لك ذنب فتلقى الردى في يوم عرسك، على يد من هو صديقك و عضيدك وجاء يشاركك فرحك ويا ليته فكّر و قدر عاقبة خطوره اطلاق الرصاص في غير مكانه وبغير قصده !، فمكان الرصاص الحي الذود عن الوطن فقط وليس اهازيج الدبكات ..
لكن تبقى مشيئة الله وحكمته مُسيرة للأقدار والتي شاءت ان تضيء قناديل عرسك من سراج دمائك فتبرأ بها روحك ، و تتركنا في لحظة غادرة خطفت الابتسامة لتقول لنا “وداعاً” وكفى بالموت واعظاً ،
لقد ايقظت فينا نداء لكل عشائر الوطن و ابناءه لنعلن من بعدك حرباً على كل من يطلق رصاصة في فرح و ننبذ كل من يقترف هذه العادة السيئة وكل مناسبة تتطلق فيها ..
“معاً من اجل مبادرة وطنية تمنع اطلاق العيارات النارية في المناسبات و الاحتفالات”
رحم الله ازهى الشباب عريس معان و عريس الوطن الذي سبقه كفنه الى عروسه..
ولا نقول في وداع الشاب حمزة الفناطسة الا ما يرضى ربنا ، ان الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، وانّا على فراقك لمحزونون ، اللهم اربط على قلب والدته والّهم اهله واخوته الصبر والسلوان ، اللهم انه جاءك ضيفا يقطر شهداً و شبابًا يقطر جمالاً و بهاءاً ، اللهم اغفر له و اعفو عنه و اسكنه فسيح جناتك مع الابرار والصالحين و ابدله فرحة زائلة بالدنيا بفرحة لا تزول في الاخرة ..
عظّم الله اجركم وحمى الله الوطن ، ونشكر مديرية الامن العام على بيانهم الذي يشفى الصدور .