مايو 1, 2024
اخر الاخباركتاب وأراء

القمة المصرية فشلت بسبب الخلاف بين المجموعة العربية والمسؤولين الأوروبيين

وكالة تليسكوب الاخبارية –  بقلم المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

    أقولها كمراقب ومتابع من خلال مهنتي كمحامي دولي بأن القمم العربية عادة تنعقد وللأسف بدون نتائج على أرض الواقع ودائما تكون لا حدث.

      نقول هذا الكلام في وقت يقال فيه بأن أجتماع القادة المشاركين في أعمال قمة القاهرة للسلام أمس قد إنتهى من دون التوصل إلى بيان ختامي مشترك إزاء الأحداث الدامية في غزة العزة والكرامة، مما عُدّ سابقة غير معهودة في تاريخ القمم العربية، وغادر الزعماء العرب المشاركون تباعاً من دون توضيحات معلنة عن عدم التوصل إلى صيغة بيان مشترك، إلا أن مراقبين إعتبروا ذلك نتيجة لغياب التفاهم حول المواقف المبدئية من القضية الفلسطينية والتصعيد الدامي الذي يشهده قطاع غزة منذ حوالى ثلاثة أسابيع والذي عبرت عنه كلمات ممثلي بعض الدول التي حملت الطرف الفلسطيني ممثلاً بحركة حماس النتائج المترتبة على الحرب، في حين رأى آخرون في الحرب الجارية حالياً نتيجة لإنسداد أفق المسار السياسي المتعلق بإتفاق بإتفاقيات السلام وفق مبدأ حل الدولتين، وعقب الجلسة الأولى ألتي إنتهت بكلمات الملوك ورؤساء الدول ورؤساء حكومات بلدان عربية وغربية، رفعت الجلسة في حين كان مقرراً أن تعود للإنعقاد بعد نصف ساعة فقط، ولكن بعد مرور ثلاث ساعات لم يتوصل المشاركون إلى صيغة إتفاق تتيح إصدار بيان مشترك، وإزاء ذلك أصدرت الرئاسة المصرية بياناً حمل إستنكاراً لما أعتبر أنه  القصور الجسيم في عدم إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، مرجعاً السبب في ذلك إلى أن هذا القصور سعى إلى إدارة الصراع لا إنهائه، وكانت قد شهدت القمة غياب كلمتي قيادتي الإمارات العربية المتحدة ودولةقطر، فيما غادر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قاعة القمة بعد إنطلاق أعمالها بدقائق وفقاً للديوان الأميري، وفي ردها على ما خرجت به اللقاأت المغلقة في القاهرة ألتي لم يصدر عنها بيان، أكدت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ألتي مثلت حكومة بلادها في القمة أنه من المهم أن نعيد مركزية القضية الفلسطينية بصورة رئيسة ومن الواضح أننا دفعنا هذه القضية جانباً، وهذه مسؤولية جماعية تقع علينا جميعاً، وبالتالي كان هناك اليوم التزام بإستئناف العمل سريعاً في شأنها وهذا من مكاسب إجتماعنا، في إشارة إلى مواصلة المشاورات الدبلوماسية حول أوضاع فلسطين من دون الإفصاح عن موقف مشترك إزاء توصيات القمة، وأضافت  نحن نؤمن بحق الجميع في الأمن والسلام وحق الفلسطينيين في دولتهم وكذلك بأمن إسرائيل، ولهذا لا نزال نؤمن وننادي بحل الدولتين كأمر أساسي إذا ما أردنا تحقيق سلام وأمان مستدامين في المنطقة، وأن هذه هي الرسالة التي وجهناها اليوم في وقت نرى ألماً وتوتراً وفظائع كبيرة ولكن من المهم جداً أن يكون هذا المؤتمر موعداً لنا والإتصالات بدأت والعمل سيستمر، أما عن وجهة نظر بلدها حيال التهدئة، فقالت إن الأمر المهم بالنسبة إلى فرنسا هو السلام والعيش بأمان وهو الحل المستدام وباريس مقتنعة بأن الإرهابيين في إشارة إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس لا يمثلون الشعب الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني يريد العيش بسلام، ولفتت كولونا إلى أنه من الأهمية بمكان العمل على تفادي إنطلاق دوامة تؤدي إلى تفاقم الصعوبات أو زعزعة أمن المنطقة، وهذا كان هدفنا اليوم.

        وأود هنا أن أشيد بالرئاسة المصرية ألتي تمكنت في وقت قصير جدأ وسريع من جمع عدد كبير من الدول، وأكدت أهمية وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بأسرع ما يمكن، إذ لا ننسى وضع النازحين هناك وحاجاتهم الماسة إلى المياه والأغذية والدواء، ومن الجيد أن القافلة الأولى تمكنت من العبور أمس وهذا ليس كافياً ويجب أن يكون وصول المساعدات مستداماً، وكانت  الوزيرة الفرنسية قد قالت في كلمتها أمام القمة إن عملية حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر الجاري ( قاسية وبربرية )، وعقدت القمة بالتزامن مع دخول الدفعة الأولى من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ألتي تضمنت 20 شاحنة محملة بالمواد الغذائية والطبية عبر معبر رفح الحدودي في شمال سيناء، وكان منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة مارتن غريفيث قد كتب  عبر حسابه على منصة إكس أن قافلة المساعدات الأولى ألتي دخلت إلى غزة ” يجب ألا تكون الأخيرة ” ، قائلاً أثق بأن عملية إيصال المساعدات هذه ستكون بداية جهد مستدام لتوفير الإمدادات الأساسية من غذاء وماء ودواء ووقود إلى سكان غزة بطريقة آمنة، غير مشروطة ومن دون عوائق، وكانت قد إنتهت قمة القاهرة للسلام، ألتي دعت إليها مصر لأحتواء الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة، وخفض التصعيد العسكرى بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، والذي راح ضحيته آلاف الشهداء من المدنيين الأبرياء منذ 7 تشرين أول/أكتوبر الجاري، دون التوصل لقرارات أو إصدار بيان ختامي لنتائج القمة، ويقال بأن الجلسة المغلقة الخاصة بإصدار البيان الختامي للقمة قد شهدت خلافاً بين المجموعة العربية والمسؤولين الأوروبيين بسبب وضع جملة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وإدانة صريحة لحركة حماس في البيان الختامي.    

      وانتهت القمة دون إتفاق المشاركين فيها على إصدار بيان يتعلق بنتائجها وهو ماكان قد دفع الرئاسة المصرية لإصدار بيان، قالت فيه، إنها دعت قادة ورؤساء حكومات ومبعوثي عدد من الدول الإقليمية والدولية، للتشاور والنظر في سبل الدفع بجهود إحتواء الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة.

    وكانت مصر قد سعت من خلال دعوتها إلى هذه القمة، إلى بناء توافق دولي عابر للثقافات والأجناس والأديان والمواقف السياسية، توافق محوره قيم الإنسانية وضميرها الجمعي، ينبذ العنف والإرهاب وقتل النفس بغير حق، يدعو إلى وقف الحرب الدائرة التي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلى، يطالب بإحترام قواعد القانون الدولي والقانون الدولى الإنساني، ويؤكد الأهمية القصوى لحماية المدنيين وعدم تعريضهم للمخاطر والتهديدات، ويعطي أولوية خاصة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية وإيصالها إلى مستحقيها من أبناء قطاع غزة، ويحذر من مخاطر إمتداد رقعة الصراع الحالي إلى مناطق أخرى في الإقليم.    ويقال بأن مصر كانت تتطلع  أيضاً إلى أن يطلق المشاركون نداءً عالمياً للسلام، يتوافقون فيه على أهمية إعادة تقييم نمط التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية، وبحيث يتم الخروج من رحم الأزمة الراهنة بروح وإرادة سياسية جديدة تمهد الطريق لإطلاق عملية سلام حقيقية وجادة، تُفضي خلال أمد قريب ومنظور إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبين البيان أن المشهد الدولي عبر العقود الماضية كشف عن قصور جسيم فى إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، لكونه سعى لإدارة الصراع، وليس إنهائه بشكل دائم، وأكتفى بطرح حلول مؤقتة ومُسكنات لا ترقى لأدنى تطلعات شعب عانى على مر أكثر من سبعين عاماً من الأحتلال الأجنبي ومحاولات طمس الهوية وفقدان الأمل، كما كشفت الحرب الجارية عن خلل في قيم المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات، فبينما نرى هرولة وتنافس على سرعة إدانة قتل الأبرياء في مكان، نجد تردداً غير مفهوم في إدانة نفس الفعل في مكان آخر، بل نجد محاولات لتبرير هذا القتل، كما لو كانت حياة الإنسان الفلسطيني أقل أهمية من حياة باقي البشر.

      وأكد البيان أن الأرواح ألتي تزهق كل يوم خلال الأزمة الراهنة، والنساء والأطفال الذين يرتجفون رُعباً تحت نير القصف الجوى علي مدار الساعة، تقتضي أن تكون إستجابة المجتمع الدولى علي قدر فداحة الحدث، فحق الإنسان الفلسطينى ليس مستثناً ممن شملتهم قواعد القانون الدولي الإنساني أو الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. والشعب الفلسطينى لا بد أن يتمتع بكافة الحقوق التي تتمتع بها باقي الشعوب، بدأً بالحق الأسمى، وهو الحق في الحياة، وحقه في أن يجد المسكن الآمن والرعاية الصحية اللائقة والتعليم لأبنائه، وأن تكون له قبل كل شيء دولة تُجسد هويته ويفخر بالانتماء لها.

     وأعربت مصر في البيان عن تقديرها للدول والمنظمات ألتي إستجابة لتلبية الدعوة رغم أعتبارات ضيق الوقت، مؤكدة أنها لن تألو جهداً فى إستمرار العمل مع جميع الشركاء وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنيه الهاشمية ودولة قطر من أجل تحقيق الأهداف التي دعت إلى عقد هذه القمة، مهما كانت الصعاب أو طال أمد الصراع، وسوف تحافظ مصر دوماً على موقفها الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية، والمؤمن بالسلام كخيار إستراتيجي لا حياد أو تراجع عنه، حتى تتحقق رؤية حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية وألتي أكد عليها جلالة الـملك عبدالله الثاني أكثر من مرة في خطابة بهذه القمة، دولتان تعيشان إلى جوار بعضهما البعض فى سلام.

      وختمت مصر بالتاكيد أنها لن تقبل أبداً بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة وأخص بالذكر هنا الأردن، ولن تتهاون للحظة في الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات.

       ويمكن القول بأن هذه القمة لم تأتي بأي جديد يذكر حتى في مثل هذه الوضعية الحرجة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة، لذا يمكن القول عن هذه القمة بأنها لاحدث .

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

الإمارات العربية المتحدة  2023/10/22

Related posts

مؤسسة أموال الأيتام وشركة إي فواتيركم توقعان اتفاقية لتمكين الدفع إلكترونيا

daw daw

الفايز يعزي بضحايا الفيضانات التي اجتاحت ليبيا

daw daw

بيان من اليونسكو بشأن الاعتداء على المؤسسات التعليمية بغزة

daw daw