وكالة تليسكوب الاخبارية – بقلم الكاتب محمود الدباس “ابو الليث”

قبل عدة سنوات اخبرني صديقي -وهو مصري الجنسية- عن المطار الذي أنشأته الحكومة ما بين القاهرة والاسكندرية.. في منطقة صحراوية لا يعرفها الكثيرون.. فكان التصميم والانشاء من قبل شركات تعمل مع الحكومة بشكل مباشر وليس من خلال عطاءات.. حتى لا ينكشف الأمر ويبقى في طي السر والكتمان..

وفي بعض الاوقات كان يتخلف بعض العمال عن موعد انطلاق حافلات الشركة.. فيضطرون لاستقلال حافلات النقل العام.. وحين يقتربون من الموقع يطلبون النزول.. فكان سائق الحافلة يستغرب من نزول ركاب في تلك المنطقة..

ومع تكرار الامر.. اصبح السائقون يعلمون ان هناك مطارا سريا يتم انشاؤه..

فاصبح السائق او الكنترول قبل ان يصل الى ذلك المكان ينادي “في حد نازل عند المطار السري؟!”..

وكذلك في موقف الحافلات.. كانوا ينادون باعلى صوتهم “في حد رايح المطار السري؟!”..

من هذه الحادثة والتي كانت فيها الحكومة تتخيل بانها تعمل شيئا مخفيا.. وان لا احد يعلمه.. وفي الحقيقة ان معظم الناس كانت تعلم حيثياته وحتى مخططاته.. واصبحوا يتندرون فيه في موقف الحافلات..

استطيع ان اقول للحكومات في معظم الدول.. ان كثيرا من القرارات التي تقررونها.. والتفاهمات التي تقومون بها.. والتوجهات التي تخططون لها.. وتضعونها في طي السر والكتمان.. وتتراسلونها تحت شعار “مكتوم” او “سِري للغاية”.. يكون الكثير من المواطنين على علم بحذافيرها.. وانتم تتخيلون بانكم تخفونها عن الناس.. وتتصرفون امامهم بذات الشعور السري.. ولا تتخيلون شعور المواطن تجاهكم وهو يتعامل معكم وانتم في هكذا وضعية..

وكذلك الامر في الحياة الاجتماعية.. فكثير من الناس يكون على علم بادق تفاصيل امر ما.. وله علاقة به او يمسه.. وحين يلتقي مع صاحب ذلك الأمر ويحاول ان يشعره بانه على دراية به.. وذلك بالتلميح وبشكل غير مباشر.. لعله يفصح عنه من تلقاء نفسه.. فتجده يراوح هنا وهناك.. ظانا انه يستطيع اخفائه.. وانه لا علم للآخر به.. وان تلميحه وحديثه عنه قد يكون من باب الصدفة المحضة..

لذلك علينا ان نعلم كيف نُسِّر الامور.. وعلينا ان نعلم بأن غيرنا يرى من وجهة نظره الخاصة.. وقد تشبه وجهة نظرنا.. او قد تكون مختلفة تماما.. ونحن نظن ان وجهة نظرنا هي وجهة النظر الوحيدة.. وان زاوية نظرنا.. هي الزاوية الوحيدة..

وإن تم افتضاح واكتشاف الامر.. علينا ان نعالجه بشكل صحيح ومهني.. وان نعترف بالخطأ ونعمل على تصحيحه.. فنكبر في عيون الاخرين.. وتزداد الثقة فيما بيننا.. وسنشعر بالاحترام الذاتي.. وبالاعتزاز والثقة بانفسنا.. وهو الاهم..

محمود الدباس – ابو الليث..