يوليو 4, 2024
اخر الاخباركتاب وأراء

انحطاط الثقافة والأدب والفن

وكالة تليسكوب الاخبارية – بقلم الكاتب د. ماجد الخواجا

مع بزوغ ثورات الربيع العربي التي أعلت من سقوف الحريات والتعبير وأتاحت الفرص لزيادة منسوب النقد الجارح والشخصي وغير الأخلاقي لدى كثيرين ممن وجدوا الإمكانات والتسهيلات للظهور الإعلامي والحديث كيفما كان ومهما كان.

لقد زاد منسوب خطاب الكراهية والحقد والضغينة بين أفراد المجتمع، ناهيك عن امتطاء وركوب موجة منح الوطنية أو الاتهام بالتخوين وبسهولة جعلت الكل يستهدف الكل بشكل عشوائي طفولي غرائزي.

وانساق ذلك على عديد من شؤون ومفاصل المجتمع حيث التربة خصبة ومهيأة لكل ذلك العفن المجتمعين فكان الإعلام هو السبّاق وهو الوسيلة والغاية في تقديم تلك المشاهد المسّفة والمعيبة بحق المجتمع كله، ولم يستطع حتى من تزعموا لواء المعارضة والثورة إلا أن ينساقوا لاستخدام أساليب الردح والشتم والتخوين والتكفير للآخرين.

ولم ينتظر الفن والثقافة كثيراً من أجل السير في ذات المسارات المعيبة، فشهدنا انحطاطاً شاملاً لما يتم انتاجه من أفلام ومسلسلات وانعكس ذلك أيضاً على الجوانب الأدبية في الكتابة والقصّة والرواية.

وبدأت أعيننا تفقأ من مشاهد العنف غير المعهود في المسلسلات، وفي كمية الشتائم وحوشية الألفاظ التي لا نسمعها إلا في قاع المجتمع، وفي التفكك العائلي وانعدام القيم والأخلاق لا بل تجاوزتها إلى تبني نشر العلاقات المحرّمة ونبش كثير من المسكوت عنه.

لقد اصطبغت الدراما بالفظاعات والقتل والدم والعنف والتفككل الأسري وانحدار الأخلاق وشيوع الأنانية المفرطة، وتسويغ الظلم والترويع والعلاقات المحرّمة.

لقد أصبح المشاهد يتلقى الصفعات المتتالية في انحدار الذائقة الفنية والجمالية والأخلاقية، وانتشار الرداءة والبذاءة وفحش القول بما يكفي لأن يزرع في الوجدان كثيراً من العفن المسلكي واللغوي المرئي والمسموع.

وما بين مواصلة الاستهبال للمشاهدين عبر أجزاء وسلسلة مفجعة من مسلسلات أخذت شكل الحلقات مستنزفة النجاح الأولي للجزء الأول منها، علماً أن هناك مسلسلات ذات اجزاء متعاقبة إلا أنها احتفظت برونقها وتجدد غاياتها ومنها مسلسل بقعة ضوء ومسلسل مرايا وغيرها.

لقد انحطت القيمة الفنية للعمل الفني نتيجة تبني فكرة الربح والعائد السريع خاصةً مع ظهور مصادر تمويل قوية وسخية تقوم بالصرف والإنفاق على مجمل ما يدعى بالأعمال الفنية، التي تلاشت فيها المحتويات الرصينة الهادفة، لتظهر في أردأ صورها من التسطيح والسذاجة والابتذال الاجتماعي والجنسي والسياسي .

لم يعد المسلسل البدوي يحمل من الحقيقة غير اسمه، لا بل تم إحياء عديد من المسلسلات القديمة لتظهر في حلتها الجديدة باذخة الواقع والحال، مع إعادة صياغة كاملة للمعنى والمبنى بما يقضي على العمل القديم تماماً لصالح أباطرة المال والإنتاج السريع المكثف الخالي من أية مضامين فكرية أو ادبية أو فلسفية.

كأنها نهاية الفنون والآداب والثقافة، نهاية الفكر والمحتوى الرصين، نهاية الأخلاق والذائقة الجمالية الراقية، نهاية الكثير من التراكمات التاريخية للشعوب وعاداتها وقيمها.

أما الأدب والكتابة فهي أيضا بحاجة لمقالة قادمة.

جميع الحقوق محفوظة

Related posts

النائب مشوقة يطالب بالكشف عن عدد حملة جوازات السفر الصادرة من الكيان الصهيوني الذين دخلوا الى المملكة بعد 7 أكتوبر

daw daw

ملتقى البرلمانيات يؤكد اهمية النهوض بواقع المرأة وتعزيز دورها بالعمل البرلماني

daw daw

تصريح هام من وزارة التربية والتعليم حول التعليم الاضافي

daw daw