يوليو 3, 2024
اخر الاخباركتاب وأراء

صباحيات في ظلال معركة طوفان الأقصى (269)

وكالة تليسكوب الاخبارية – بقلم بقلم الكاتب د. سليمان الرطروط

تعتبر الحروب وخاصة الكبرى إنعطافة تاريخية في حياة الشعوب والأمم بل والأفراد كذلك، فما كان قبل الحرب مختلف عما بعدها، ويمتد تأثيرها سلبا أو إيجابا على نواحي الحياة المختلفة، ولعل من أبرزها القيم والأخلاق والعادات والتقاليد والأعراف، وشواهد التاريخ كثيرة؛ فما كان قبل حملة نابليون على مصر والمشرق يختلف عما قبلها، وكذلك الاحتلال البريطاني لمصر والذي كان بداية التغيير واحتلال المشرق العربي.

وغزوة تبوك تعتبر مرحلة أو حالة مفصلية في تاريخ الإسلام؛ لأنها المواجهة الثانية بين الدولة الإسلامية الناشئة   والإمبراطورية الرومانية وأتباعها، ولكنها كانت الأخطر، حيث كان هدف الحملة الرومانية تحطيم واجتثاث الدولة الإسلامية، والقضاء على الفكرة في مهدها.

وبالنظر لنتيجة الغزوة والتي لم تقع فيها المواجهة، ولكن الدولة الإسلامية انتصرت؛ واتسعت شمالا إلى أيلة( العقبة) ودومة الجندل ( مناطق طريف والجوف بالسعودية)، وزادت من تلاحم الصف الداخلي الثلة المرمنة، وكانت هزيمة للطابور الخامس المنافقين وانكشاف أمرهم، وكما قال رسول ﷺ :   “نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ” البخاري ٤٣٨

ولذا جاء الحث على حشد كل طاقات المجتمع الإسلامي بكل مكوناته في مواجهة تحدي جيش الروم وأعوانهم، فلم ينتظر الرسول ﷺ قدوم الجيش للمدينة أو قريبا منها، بل بادر ﷺ للخروج مع الثلة المؤمنة ولمسافة بعيدة، ورغم قسوة أحوال الطقس، وقلة حيلة اليد، ولذا فقد جاءت الآية التالية، وبإسلوب التحريض والدفع للجهاد والخروج لملاقاة الأعداء، وكذلك الاستهجان والغربة في حال عدم الخروج، فقال سبحانه :﴿ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ التوبة ١٢٠

فعند الأحداث التاريخية الكبرى، فالواجب أن تهب كل مكونات المجتمع الإسلامي للدفاع والصمود في وجه الأعداء، وإلا فإن الدمار والهزيمة سيقع على الجميع، وفي الآية عتاب من الله تعالى كما يقول ابن كثير: “للمتخلفين عن رسول ﷺ  في غزوة تبوك ، من أهل المدينة ومن حولها من أحياء العرب، ورغبتهم بأنفسهم عن مواساته فيما حصل من المشقة، فإنهم نقصوا أنفسهم من الأجر ؛ لأنهم (لا يصيبهم ظمأ) وهو : العطش (ولا نصب) وهو : التعب (ولا مخمصة) وهي : المجاعة (ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار) أي : ينزلون منزلا يرهب عدوهم (ولا ينالون) منه ظفرا وغلبة عليه إلا كتب الله لهم بهذه الأعمال التي ليست داخلة تحت قدرتهم، وإنما هي ناشئة عن أفعالهم، أعمالا صالحة وثوابا جزيلا (إن الله لا يضيع أجر المحسنين) “

وهذا الحشد والجهد يشمل أي أمر يساعد في درء خطر الأعداء، ولا يقتصر على الجهد الجسدي فقط، فالأموال مهمة جدا في تجهيز الجيش وإدامة جاهزيته للقتال، ولا يمكن التقليل من شأن أي مبلغ مالي، فرب مبلغ بسيط هو كبير جدا عند المنفق، وقد تكون البركة فيه، فربما بذلك المال اشتريت قذيفة فأغرقت سفينة، أو رصاصة قتلت زعيم الكفر، وآنذاك تتغير مجرى المعركة، ولعل من بينها الآن النفقة على الإعلام، والنحل الالكتروني للمجاهدين وغيرها ﴿ وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾

وفي ظل المعركة الحالية والتي يعتبرها الظالمون الغاصبون وأعوانهم معركة وجودية لدولة الظلم، ومفصلية في بقاء كيانهم، فلا ينبغي للمؤمنين والمؤمنات وفي كافة بلدانهم وأجناسهم وأعراقهم ولغاتهم إلا أن يكونوا مع إخوانهم في الأرض المقدسة،

وينصرونهم وبما استطاعوا، ولو بالدعاء وهو عظيم الأثر والكلمة واللسان، ومنه الالكتروني، وكشف جرائم ومجازر العدو وغيره، وبالنصرة الجهادية القتالية، أو بالإنكار على الذين خذلوهم، ولو بالقلب،  وكل فرد أو فئة أو دولة أعلم بما يستطيع تقديمه، والرسول ﷺ يقول : ” مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ” مسلم ٤٩

وهل هنالك منكر أعظم من سفك الدماء، وتدمير الممتلكات في الأرض المباركة؟!

#الأرض #المقدسة

#الطائفة #المنصورة

#سليمان_الرطروط

Related posts

قناة عبرية : تكلف العملية العسكرية على غزة يومياً 200 مليون شيكل

daw daw

مش من عشاق الكره.!!!!

محمد الهياجنه

فندق موفمبيك عمان يستقبل الدفعة الأولى من طلبة عمان الاهلية للتدريب الميداني

daw daw