مايو 17, 2024
اخر الاخباركتاب وأراء

رهانات حركة المقاومة الإسلامية حماس بعد طوفان الأقصى

وكالة تليسكوب الاخبارية

    نقول كمراقبين وبعد مرور ستة أيام على الحرب على غزة بأنه تبقى السيناريوهات جميعها مفتوحة عسكرياً وسياسياً لكن المؤكد أن المواجهة الحقيقية لم تبدأ بعد، وإذا بدات ستبدأ بإيران والولايات المتحدة الأمريكية وتمر بالوكلاء في مختلف مسارح الإقليم ، وما سيأتي من قبل إسرائيل من تصعيد كبير مرتبط في المقام الأول بسياسة رد الفعل بصرف النظر عن تصاعد الموقف عسكرياً، في وقت تتجه فيه  إسرائيل لأستخدام آليات جديدة في المواجهة مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، وبصرف النظر عن طبيعة ما يجري على الأرض من تفاعلات وأشتباكات، فإن الحكومة الإسرائيلية تتحرك في دوائر متقاطعة ومتداخلة، بحثاً عن ضبط المشهد نتيجة التسونامي الذي أصابها وبعد الإخفاق الأكبر الذي جرى في الأيام الأولى من المواجهات، والتي بدأتها حركة " حماس " من خلال عملية خاطفة داخل منطقة غلاف غزة، مما يؤكد هنا على أن ما سيأتي من قبل إسرائيل من تصعيد كبير مرتبط في المقام الأول بسياسة رد الفعل بصرف النظر عن تصاعد الموقف عسكرياً أو الإتجاه لتهدئة تدريجية بعد أن تستوفي إسرائيل بنك أهدافها، وبعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية على خط دعم إسرائيل من خلال إرسال حاملة الطائرات " فورد "، والإعلان رسمياً عن تعزيز إجراءات الأمن المشترك والتنسيق الأستخباراتي والسياسي، أما حركة حماس فهي تتحرك إنطلاقاً من موقف يقوم على ضرورة تغيير الواقع السياسي والأمني والإستراتيجي في القطاع، مع التقدير بأن تعظيم المكاسب السياسية والأمنية سيتطلب منها تحمل ما يطرح من مواقف أو توجهات قد تقدم عليها الحركة من تبني سياسات تصعيدية، وهو ما يبرز في الخطاب العسكري والأمني لقيادات الحركة وليس السياسي، مع التركيز على إستراتيجية المبادرة، وفي هذا الإطار فإن قيادات المستوى العسكري لحركة حماس يعملون في أطر محددة، أهمها إدارة جيدة، وإعادة التركيز على الخيارات العسكرية، وعدم الإنصات إلى أية دعاوى تهدئة، أو تقديم تنازلات سياسية أياً كانت توجهاتها، بل والرهان على إمكانية تحسين شروط التفاوض السياسي عندما تحين ساعة الدخول في الحلبة السياسية، وفي تقديرها خبرة صفقة جلعاد شاليط وألتي أفرجت عنه حماس مقابل ألف من الأسرى الفلسطينيين، والتي إستمرت ست سنوات كاملة، ومن ثم فإن أمام حركة حماس خيارات عدة :

الأول : هو في حال الخروج من المشهد الراهن من دون خسائر حقيقية فإن الهدف هو الدخول في مفاوضات حول ما لديها من أسرى، مع عدم التعجل بتقديم تنازلات قد تتعرض لها من الدول الرئيسة في المشهد، لكن هذا الخيار سيرتبط بالمدة الزمنية التي ستكون عليها المواجهة، والتيقن من الهدف الجوهري من القيام بالعملية من قبل إسرائيل والمرتبط بعدم إزاحة حركة ” حماس ” من المشهد أو تحييدها وتفكيك البنية الرئيسة للحركة مع ( قص ) ريشها ومحاولة إستيعابها في إتفاق سياسي ضيق لا يخدم أية سياسات مستقبلية للحركة.
أما الثاني : فهو في حال الدخول في عملية متسعة وكاملة، سواء بإجتياح بري موقت أو دائم، فإن حركة حماس لن تكون في السلطة بل مجرد فصيل شأنه شأن الفصائل الأخرى، لكن هذا الخيار مرتبط بدور أميركي بارز، واستخدام الحل العسكري الشامل، مع رفض الدخول في أية مفاوضات في شأن ملف الأسرى، وهو ما سيدفع إلى تأجيل التعامل مع حماس، وحسم وضعها في قطاع غزة بخاصة أن كل المؤشرات تشير إلى عدم رغبة أي طرف بتحمل إدارة القطاع أو الدخول في مفاوضات في شأنه، سواء كانت مصر، ألتي سبق أن أدارت القطاع سنوات طويلة، أو أن يوضع تحت الأئتمان الدولي، أو إدخال قوات عربية أو أممية، وكل الأفكار في هذا الإطار مرتبطة بالتعامل مع حركةحماس عسكرياً.
أماالثالث : فهو إستمرار مواجهة حركة حماس وإسرائيل، وهو ما قد يخطط له الجناح العسكري للحركة في ظل هيمنة العسكريين على مقاليد الأوضاع على إدارة المشهد، والمزايدات ألتي يطلقها الجناح العسكري في مواجهة المستوى السياسي الذي يريد الإستمرار في الحكم، وعدم الذهاب إلى خيارات صفرية في هذا الإطار، مع التقدير بأن بديل ” حماس ” غير موجود في ظل وجود عديد من الفصائل غير المنضبطة، التي يمكن أن تنتهك أي خيار أو مسار يمكن الذهاب إليه، وهو ما تدرك تبعاته إسرائيل جيداً، والمعنى أن حركة حماس تدرك جيداً حدود المواجهة الراهنة، وقد حققت مكاسب التقدم في الأيام الأولى للمواجهة، لكن لا أحد يمكنه داخل الساحة الفلسطينية أو الإقليمية أن يقدر كيف ستذهب الأمور في ظل ما يجري من تطورات مفصلية متعلقة بما تخطط له حركة حماس في الوقت الراهن، وفي حال التعامل مع القطاع على أنه قطاع مارق قادر على ضرب إستقرار إسرائيل، ومن ثم فإن الحل الحقيقي هو تطبيق إستراتيجية الردع من المنظور الإسرائيلي، والذهاب بالمواجهات إلى مساحات مختلفة وفتح جبهات جديدة بالفعل، وهو ما بدأ بقطع الخدمات المعتادة عن القطاع، وفي إطار مخطط شيطاني للتحكم في الأوضاع به، وهو ما سيجري في كل الأحوال مع عدم الإنصات للمطالب العربية والإقليمية والدولية بإدخال المساعدات للقطاع وإعادة ضخ الخدمات اليومية والإنسانية، وهو ما ستوافق عليه إسرائيل بخاصة أن الهدف قد يكون تعرية الموقف الإسرائيلي أمام الرأي العام الدولي، الذي قد يري في أية إجراءات إسرائيلية حادة خروجاً عن النطاق الإنساني والقانون الدولي، إضافة إلى أنه قد يكسب حركة ” حماس ” شعبية دولية قد تؤدي لبناء مظلومية حقيقية، الأمر الذي يتطلب عدم التعجل في دخول أية مغامرات، لكن سيبقى العنصر الحاكم أمام ” حماس ” هو، هل يمكن تحقيق مكاسب سياسية وإستراتيجية في آن واحد، أم أن الأمر ما زال بعيداً من التوجه السياسي الرشيد في ظل سعي الحركة للأستمرار في المواجهة ولو على شكل تسجيل مواقف ..؟ وهو ما برز في إستمرار ضرب أهداف رئيسة في إسرائيل، وتزايد أستهداف مواقع لها دلالات رمزية في الذهنية الفلسطينية، مما قد يؤدي لأستمرار الهجمات الصاروخية من قبل حركة حماس لحين إستيفاء الموقف السياسي ولو في حد معين وتبقى حركة حماس على توسيع دوائر الضغط على إسرائيل، فمع دخول الولايات المتحدة على خط الإعلان عن دعم إسرائيل سيبقي هدف الحركة العمل مع الجبهات الأخرى بخاصة الجبهة اللبنانية ممثلة في موقف حزب الله، ومن ثم فإن ترابط الجبهات وتماسكها يعتمد على دخول أطرف جديدة في سوريا ولبنان واليمن لدعم تحرك حركة حماس من خلال ضربات رمزية غير موجعة لنقل رسالة للجانب الأميركي بالقدرة على العمل معاً، وكرسالة من أعلى، بأن إيران لديها أوراقها السياسية والإستراتيجية ألتي يمكن إستخدامها في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل بخاصة مع إدراك الأطراف الرئيسة، وليس إيران فقط، بأن توسيع دوائر الإشتباك سيكون مكلفاً جدأ، وزيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان للعاصمة اللبنانية اليوم ولقاؤه مع ممثلين عن حزب الله وحماس والجهاد رسالة إلى إسرائيل وأمريكا في نفس الوقت، وستذهب إسرائيل بالتنسيق مع الولايات المتحدة للضرب في الجبهات كلها عبر إستراتيجية الحرب والمواجهة على مختلف الجبهات، وليس من داخل قطاع غزة، كما أن الأوضاع في القطاع سيتم التعامل معها إنطلاقاً من حسابات محددة سيتم ضبطها عقب وقف إطلاق النار وبدء مسار سياسي أياً كانت معالمه، وهو ما تتفهم أبعاده حركة حماس بالتنسيق الكامل مع حركة ” الجهاد الإسلامي ” بالأساس، وبقية الفصائل الأخرى التي تعمل على دعم حماس، ومن ثم فإن تخطيط الحركة سيستمر في التركيز على الإنتقال من العسكري إلى الأمني، ومن الأمني إلى السياسي، مع تحقيق مكاسب كبرى بالإفراج عن الأسرى مقابل صفقة مشرفة تحضر فيها أطراف عربية ودولية إلى جوار إسرائيل مدعومة مع الولايات المتحدةالأمريكية، بالتالي فان حركة حماس تتخوف من تبعات ما يجري ولو طال، وفي تقييماتها الرئيسة تحقيق الحضور الفلسطيني في القطاع ودعم المقاومة الفلسطينية، وعدم التصعيد حال إستمرار ما سيتم الأتفاق في شأنه، ودعم الجانب الإسرائيلي الذي سيكون له حساباته المتعددة، وفي المقابل، فإن إسرائيل وحكومتها ألتي تشهد حالاً من الذل والإنكسار الحقيقي تتجه إلى حكومة إنقاذ وطني لبناء مناعة وطنية حقيقية في مواجهة ما يجري، وفي ظل تصاعد السخط على حال ووضع الجيش الإسرائيلي الذي تعرض لهزيمه ولهزة حقيقية مشابهة لما جرى في يوم الغفران مما يتطلب إستمرار الحرب والمواجهة وتغيير قواعد التعامل والأشتباك في القطاع وخارجه، مع عدم الإعتماد على إستراتيجية واحدة، بل والإنتقال إلى تحقيق مكاسب من أعلى، وقد ربح رئيس الوزراء الإسرائيلي النتن ياهو على رغم الفشل والتقصير مما يتطلب قدرة ردع حقيقية في مواجهة ما سيجري، وأمام الحكومة الإسرائيلية في موقفها الراهن والمحتمل، وحال تشكيل حكومة وحدة وطنية عدة خيارات :
فالأول هو إسقاط حركة المقاومة الإسلامية حماس وتسليم القطاع إلى من يريد إقليمياً أو دولياً، أو وضعه أمام الأئتمان الدولي، لكن المشكلة الرئيسة مرتبطة بما سيكون عليه المشهد السياسي والإستراتيجي، بخاصة أن تفكيك البنية العسكرية للحركة على رأس الأولويات، لكن كيف سيتم ذلك في ظل ما يجري من تفاعلات ترتبط حقيقة بموقف المستوى العسكري. ورفض التسليم بما جرى من واقع سياسي وأستراتيجي سينعكس في المقام الأول على ما سيلي من خطوات، ومن ثم فإن الحكومة الإسرائيلية، ومع تصعيد العسكريين وعودة الجنرالات الكبار وبخاصة بيني غانتس، فإن ما سيجري سيكون مرتبطاً بقواعد إشتباك مختلفة تماماً عما سبق يوم السابع من شهر تشرين أول/ أكتوبر الجاري.
أما الثاني : فهو الإستمرار في دائرة الإشتباك إلى حين فرض وقائع على الأرض في قطاع غزة أو خارجه، مع العمل على عدم تقديم أية تنازلات حقيقية في قضية الأسرى ألتي يمكن أن تحسم من خلال وسائل أخرى ستدخل الولايات المتحدة الأمريكية على خط أي تفاوض حقيقي في هذا الملف، بخاصة أن تحريك الآلة العسكرية الأميركية، ودخول أميركا كشريك بالعدوان على قطاع غزة، سيعني أن إسرائيل في حاجة إلى مزيد من الخطوات الداعمة، وإعادة تفعيل الشراكة في حال إستمرار المواجهات لبعض الوقت وتركيز إسرائيل حكومة وشعباً على طلب الحماية، بخاصة أن ما يطول حركة حماس ومستقبل القطاع سيرتبط أيضاً بدور لاحق للولايات المتحدة الأمريكية تجاه السلطة الوطنية الفلسطينية، أو الدول المعنية وعلى رأسها الأردن ومصر، وهو ما يجب الرهان عليه، فأحد الحلول الرئيسة والمتاحة هو العمل على إجراء ” ترانسفير ” كامل أو جزئي لسكان القطاع، والذهاب إلى حرث الأرض وترحيل الفلسطينيين إلى الأردن ومصر، وتنفيذ مخطط الـ” ترانسفير ” أي التهجير بالكامل بخاصة في هذا التوقيت، وإستثمار ما طرحه العسكريون الإسرائيليون من قبل والمتعلق بخطط تقاسم وتبادل الأراضي، سيغير من واقع ما يجري، لكن لن تستطيع حركة حماس تقبل هذا الأمر، كما أنه توجد إشكاليات كبرى في حال طرحه مع رفض الأردن ومصر وتحفظ السلطة الفلسطينية، لأنه قد يذهب إلى إعادة طرح فكرة الوطن البديل، كما كان يردد ” الليكود ” وحكومات إسرائيل التاريخية، فقطاع غزة يتحول إلى جهنم بتعبير الرئيس الأسبق شيمون بيريز، ولا بد من حلول حقيقية ونهائية بعد أن أغلق الباب أمام إمكانية توسيعه وإعادة تركيب ديموغرافيته الرئيسة، على رغم ما طرحته الدول المانحة من رغبة في تمويل ما سيطرح من رؤي تطوير مستقبل القطاع، وتحديد مصيره في إطار شرق أوسط جديد، وفي إطار الحرص على تغيير الواقع السياسي الإقتصادي والأمني، وأياً كان السيناريو الذي يمكن حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية أن تنتهجه، فنحن أمام مواجهة غير تقليدية وحضور دولي داعم ومؤيد لإسرائيل، وهو أمر غير مسبوق، وفي ظل أدوار تؤديها بعض الدول، وفي إنتظار ما سيأتي من نتائج للعمل العسكري مع رصد تداعياته في الفترة المقبلة، ألتي قد تستمر لبعض الوقت، وفي ظل مخاوف من تكرار أحداث النكبة، أو تمدد المواجهات إلى مسارح عمليات أخرى، ودخول أطراف وكيلة من إيران مجدداً، فإن ما يجري خلال الساعات الراهنة ليس محكوماً بضوابط أو معايير معينة، بل إننا سنكون أمام سيناريو مفتوح لن يقتصر على حركة” حماس ” وإسرائيل فقط، بل إن ما سيجري سيخص أمن الإقليم في إطار مقايضات متعددة تشمل بعض الملفات المفتوحة، والمؤكد أن المواجهة الحقيقية تبدأ بإيران والولايات المتحدة الأمريكية وتمر بالوكلاء في مختلف مسارح الإقليم، ما زلنا في الفترة الأولى من المواجهات، ولم تفتح بعد جبهة لبنان والجولان، وما سيأتي بعد وقف إطلاق النار هو الأهم، ولن يقتصر على تسوية أسرى موجودين لدى حركتي حماس والجهاد، بل ترتيبات أمنية وإستراتيجية متعددة، وستبقى حركة حماس تتصدر المشهد بفخر وعز وكرامة في النضال الفلسطيني بعد شبه الإنسحاب لحركة فتح في الوقت الراهن بعد أن أصبح نضالها مجرد تصريحات في المنابر الدولية أو بيانات على الورق، في وسائل الإعلام ألتي لا تسمن ولا تغني من جوع .

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
2023/10/13

Related posts

الوحدات يفوز على الكهرباء العراقي ويتصدر مجموعته

daw daw

مع نهاية العام 2023..ولي العهد :”غزة تعلم العالم كل يوم”

daw daw

104 شهداء و160 إصابة في غزة خلال 24 ساعة

daw daw