الإعلامي موسى الدردساوي
في الوقت الذي يحتاج فيه المجتمع إلى إعلام نزيه وشجاع، نجد بعض الإعلاميين وقد تحولوا إلى “صانعي أصنام”، حيث يمنحون بعض الشخصيات العامة والمسؤولين هالة من الكمال والمثالية، بغض النظر عن حقيقة أدائهم وإنجازاتهم على أرض الواقع. إذ بات الإعلام في بعض الأحيان منصة للتمجيد الشخصي على حساب دوره الحيوي كمرآة تعكس نبض المجتمع، وتضع الحقائق كما هي دون تزييف.
الإعلاميون الذين اتخذوا هذا النهج صنعوا صورة من الإعلام المنحاز، مبتعدين عن دوره الأساسي كسلطة رابعة هدفها ممارسة النقد البناء وتقويم الأداء العام. بدلاً من ذلك، تحول الإعلام في أيدي البعض إلى أداة لتحقيق مصالح خاصة، حيث يبني هؤلاء شبكة من العلاقات التي تعتمد على المجاملة والمصلحة المتبادلة، بعيداً عن المهنية الحقيقية التي تقتضيها مسؤوليتهم تجاه المجتمع.
هذا النهج خلق فجوة ملحوظة بين المواطنين والمسؤولين؛ ففي الوقت الذي يُتوقع فيه أن يسهم الإعلام في تقوية التواصل وبناء الثقة بين الطرفين، نجد أن التغطيات الإعلامية التي تحمل المديح والإشادة تتكرر دون أي موضوعية، مما يضعف مصداقية هذا الإعلام. وقد أدى التركيز المفرط على تمجيد بعض الشخصيات إلى تهميش القضايا الحقيقية واحتياجات المواطنين الفعلية، التي غالباً ما تبقى خارج الأضواء.
عندما يسلك بعض الإعلاميين هذا المسار، فإنهم يسيئون إلى مهنة الإعلام ويبتعدون بها عن رسالتها السامية كجسر للحقيقة وأداة للتطوير المجتمعي. وهنا، تتجلى الحاجة إلى إعادة تقييم دور الإعلام وتوجيهه نحو ممارسة دوره الحقيقي في تقديم النقد البناء، وتسليط الضوء على القضايا الجوهرية التي تمس المجتمع بعيداً عن المصالح الشخصية والامتيازات المؤقتة.