وكالة تليسكوب الاخبارية
في زحامِ الحياة وتشابكاتها.. كثيراً ما نجد مَن يتقدم الصفوف.. دون أن تطأ أقدامه طريق الجهد.. أو تعبُر روحهُ فيض التحدي.. يتصدرون المشهد في لحظة النصر.. كأنهم أعمدةٌ أقامت البناء.. يُهللون بأصواتهم العالية.. كأنها ملأت أرجاء الساحات فرحاً وتعبيراً عن النجاح..
بينما الحقيقيون.. أولئك الذين سهرت أعينهم.. وعملت أياديهم.. وارتجفت قلوبهم خشية الفشل.. يقفون في الخلف متعبين.. مغبّرين.. مطأطئي الرؤوس.. خشية أن يُظلم جهدهم بعيونٍ لا ترى سوى بريق المتصدرين..
هذه الفئة من البشر.. هم من نسميهم “راكبي الأمواج”.. يدخلون عند اكتمال الصورة.. وظهور ملامح الإنجاز.. ينسبون لأنفسهم الفضلَ.. والتخطيطَ.. والقيادةَ..
يتسابقون لاحتلال الواجهة.. يتقنون فن الكلمات والشعارات.. لكنهم لا يعرفون طعم عرق التعب.. ولا مرارة السهر.. يقتنصون الثمار بعد نضوجها.. دون أن يحملوا همَّ زراعتها.. أو خوفَ ذبولها.. وعند أول عثرةٍ.. أو انتكاسة.. يُسرعون إلى التبرؤ والتخلي.. ويتركون المسؤولية تترنح على أكتاف المثابرين..
إنهم سارقو الجهود.. وأعداء الحقيقة.. يسرقون الأحلام والإنجازات بلا خجل.. يسطون على تعب الآخرين.. كأنهم حقٌ مكتسب..
وهنا.. تكمن المأساة.. إذ يصبح المُخلِصون.. أرقاماً منسية في دفاتر التاريخ.. بينما تلمع أسماء السارقين في عناوين الإنجازات الزائفة.. وهل هناك أقسى من أن ترى تعبك.. يتغنى به غيرك؟!..
محمود الدباس – ابو الليث..