وكالة تليسكوب الإخبارية – بقلم هيا حجير
عبر الأزمنة، كان الماضي والحاضر ساحة لصراعات أزلية تفجّرت في مجتمعنا بين مؤيد ومعارض. ومع تطور وسائل الإعلام والانفتاح الثقافي، ازدادت حدّة هذه الصراعات، مما جعلها أكثر وضوحًا وتأثيرًا على أنماط حياتنا اليومية.
بدأت الأزمة حين تمسك الآباء بالموروثات والعادات القديمة، رافضين كل ما يرونه دخيلًا على المجتمع. هؤلاء الآباء يعتبرون أن الانفتاح على الثقافات الجديدة يعصف بمبادئ تربوا عليها، ويضلّل الأجيال الشابة نحو ما يعتبرونه غريبًا وغير مألوف. من جهة أخرى، يعيش الشباب في زمن مختلف تمامًا، حيث أفق المعرفة أوسع، والثقافات أكثر تنوعًا، مما يجعلهم يميلون إلى التغيير والتجديد.
هذا الانفتاح الاجتماعي والتداخل الثقافي خلق حالة من التصادم بين الجيلين، حيث يتوارى الآباء خلف قيمهم التقليدية متهمين أبناءهم بامتهان هذه القيم والتعدي على “أصول المجتمع”.
أما الأبناء، فيردّون بوصف جيل آبائهم بالتشبث بأفكار عفا عليها الزمن، متهمين إياهم بالجمود والعجز عن مواكبة تطورات العصر.
صراع الأجيال : امتداد تاريخي
هذه النزاعات ليست جديدة، بل تعود جذورها إلى القدم، إذ لطالما شكّل التطور الزمني والتغير الثقافي أساسًا لهذه المواجهة. لكن الأزمة تتجلى اليوم بشكل أوضح بسبب اتساع الفجوة بين الأجيال. الآباء يرون في قرارات أبنائهم تحررًا يهدد سيطرتهم، بينما يعتبر الأبناء أن تحكم الآباء في حياتهم يحد من شخصيتهم واستقلاليتهم.
إحدى أبرز القضايا تتمثل في رؤية الأبناء كـ”ممتلكات شخصية”، مما يدفع الآباء إلى فرض نمط حياتهم على أبنائهم، معتبرين أن العادات والتقاليد خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها. وعلى النقيض، يعيش الشباب مرحلة مليئة بالطاقة وحب التجربة والفضول، فيسعون إلى الخروج من هذه القيود واستكشاف هوياتهم الخاصة.
أبعاد الصراع: سلبيات وإيجابيات
لا يمكن إنكار أن لهذه الصراعات أبعادًا متعددة، منها ما يحمل تأثيرات إيجابية كتبادل الخبرات والتعلم بين الجيلين، ومنها ما يخلق فجوات نفسية واجتماعية يصعب تجاوزها. في نهاية المطاف، تظل هذه الصراعات حتمية، فهي جزء من دورة الحياة المستمرة، إذ تتكرر مع كل جيل جديد.
أسئلة نحو الحل
إذا أردنا البحث عن حلول وسطية تخفف من حدة هذا الصراع، فإننا بحاجة إلى طرح الأسئلة التالية:
- ما الذي يمكن أن يحقق هدنة بين جيلين مختلفين؟
- لماذا يتمرد الشباب على عادات الآباء القديمة؟
- ما هي النتائج الفعلية التي تنتج عن هذه النزاعات؟
- إلى متى سيستمر هذا الصراع؟
الأنانية: جوهر الأزمة
قد نجد أن الإجابة تكمن في الأنانية، سواء الفكرية أو العقائدية أو الأبوية. الحل يتطلب أن يتخلى الجيل السابق عن أنانيته ويسمح للجيل الجديد بأن يواكب تطورات عصره ويختار مساره بحرية وإرادة مستقلة.
فهل سنشهد يومًا تقبلًا حقيقيًا بين الجيلين، أم سيبقى هذا الصراع مستمرًا بلا نهاية؟