وكالة تليسكوب الاخبارية – بقلم الكاتب مظفر عثمان ابداح
لعل شعوب العالم تتوقع أن تبدأ الحرب العالمية الثالثة كسابقاتها أي من القارة الأوروبية، وتزايد ذلك الاحتمال مع الحرب الروسية الأوكرانية، لكن هناك منطقة أخرى لديها القدرة والدوافع لشن الحرب، وهذه المره من آسيا وبالتحديد الصين وتايوان، لكن إن بدأت الحرب فلن تتوقف هنا؛ لأن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون طرفًا بتلك الحرب بجانب شريكتها تايوان، وبالتأكيد هي حرب بين قطبي العالم فلن تتوقف بسهولة، تلك الأزمة ليست بجديدة ولكنها تتصاعد مع تصاعد قوة الصين.
الأزمة الصينية التايوانية تعتبر من أكثر القضايا الجيوسياسية تعقيدًا في العالم، تلك القضية التي تعتبر أكثر حساسية في العالم، وذلك بسبب التدخل الإقليمي الدولي في أي صراع عسكري محتمل، وتعود بدايات تلك الأزمة إلى الحرب الأهلية الصينية بين عامي 1927 وعام 1949 والتي نشأت بين الحزب الوطني الصيني (الكوميننتانغ) الحاكم للصين آنذاك، وكان ذلك النظام مضطهدًا وخصوصًا لجزيرة تايوان، وذلك لرغبتها بإزالة ما تبقى من الحكم السابق أي اليابان، والحزب الشيوعي الصيني، والتي انتصر به الأخير لكن بعد خسائر عسكرية ومدنية بلغت ما يقارب المليون شخص، ونتج عن تلك الحرب مجاعة كبيرة وذلك بعد الغزو الياباني والتي تعتبر من أكبر المجاعات في التاريخ حيث أودت بملايين الأشخاص، ونتج خسائر اقتصادية من تدمير بالبنية التحتية، وأيضا تدهورا بالإنتاج الزراعي والصيني، وبعد انتصار الحزب الشيوعي هربت قوات الكومينتانغ إلى تايون، حيث أسست هناك حكومة منفصلة، تعتبر تلك الحرب نقطة مفصلية في تاريخ الصين الحديث، ومن هنا ادعت كل من الصين وتايوان أنها الممثل الشرعي للصين، وحصلت تايوان على التأييد الدولي واعتراف الأمم المتحدة بها كممثلة للصين، حتى عام 1971 حيث تم نقل المقعد الدائم للأمم المتحدة إلى الصين الشعبية مما جعل دول العالم تعترف بالصين كممثل شرعي وأن تايون جزء من الصين، لكن حكومة تايوان رفضت ذلك وحتى الآن تحاول أخذ الاعتراف الدولي.
بعد الاعتراف الدولي بالصين الشعبية على أنها دولة ممثلة في الأمم المتحدة، شعرت تايون أنها بخطر لذلك قامت بنهضة على كافة الأصعدة الاقتصادية حتى تصبح قادرة على قيام دولة تُحترم، رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعترف بتايوان كممثل لدولة الصين إلا أنها دعمت تايون في نهضتها الاقتصادية إلى حد ما، ومن هنا بدأت أكثر العلاقات الدبلوماسية تعقيدًا، ولذلك حاولت الصين تقديم الكثير من التنازلات مثل: أن تصبح التايوان إقليمًا منفصلًا له اقتصاد ونظام داخلي مستقل لكن تتبع الصين دبلوماسيًا وعسكريًّا إلا أن ذلك العرض لاقى الرفض المطلق، رغم انقسام الداخل التايواني إلى قسمين: قسم مؤيد للانضمام للصين وقسم معارض مطالب باستقلال كامل وباعتراف دولي.
تعتبر تايوان ذات أهمية للمشروع الصيني، ولكن مع تصاعد قوة الصين ازداد التخوف الأمريكي لذلك بأن تصبح الصين ذات قوة عظمى، وبهذا ينتهي زمن القطب الواحد ويبدأ زمن القطبين، لذلك وضعت أمريكا قواعد بعدت دول محيطة في الصين مثل: اليابان، كوريا الجنوبية، غوام، الفلبين، سنغافورة، أستراليا، دييغو غارسيا (المحيط الهندي)، وهذا ما ساهم بالمزيد من التوترات العسكرية، وجعل الصين تزيد من وجودها في البحر الصيني وتزيد قواتها حول تايون، وخصوصا مع تزايد الدعم الأمريكي العسكري لتايوان، إبان زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي عام 2022 إلى تايوان، ما اعتبرته الصين تعدي على سيادتها وقامت بالعديد من المناورات المحيطة بتايوان وفوق أجوائها، لذلك قام الرئيس الأمريكي السابق بالتخلي عن سياسة الغموض الاستراتيجي تهديد الصين بالتدخل العسكري المباشر، ولكن مع قدوم الرئيس دونالد ترامب أعتقد بأنها ستتحول المواجهة إلى مواجهة اقتصادية، ولذالك هناك سيناريوهات عدة للمستقبل:
- سيناريو التوحيد السلمي: وهذا يمكن أن يكون من خلال وسائل دبلوماسية واقتصادية وهذا يعتمد على التوافق الشعبي التايواني، ولكن لا أعتقد أن ذلك ممكن حاليًا.
- سيناريو التوتر المستمر: وهذا ما يحدث منذ عقود حيث وذلك بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية بشكل غير مباشر.
- سيناريو الصراع العسكري: وهذا الخيار الأخير الذي ممكن أن تقدم عليه الصين، باستخدام القوة العسكرية لضم تايوان، وهذا برأيي قد يشعل حرب إقليمية ودولية.
لعل الأزمة التايوانية من أكثر القضايا تعقيدًا، وما زالت إلى يومنا هذا تهدد الأمن والسلم الدوليين، حيث تعتبر السيطرة على تايوان نقطة مهمة للقطب المسيطر على العالم
(الولايات المتحدة) لمنع تصاعد قوة القطب الصاعد (الصين)، حيث تعتبر الصين سيطرتها خطوة ذات أهمية لفرض قوتها في العالم، وتراجع الدول الأخرى عن علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية.
وهذه الخريطة يتضح فيها القواعد العسكرية في المنطقة
