Ad image

رؤيا ملكية سياسية حول “المفارقة بين حب الوطن والخيانة”

dawoud
5 Min Read

وكالة تليسكوب الإخبارية
إبتداءا وإنتهاءا، إن حب الوطن غريزة فطرية في كل من ينتمي إليه، ومدلوله عميق، من كونه الأرض التي تؤوينا، والسقف الذي يحمينا، نولد على ثراه ونترعرع في رباه، وننشأ على خيراته، نشرب من مائه، ونتنفس هواءه، ونحيا بين أهله، على تربته تبدأ خطواتنا الأولى، وفي بيئته تتشكل معارفنا ومداركنا، وتتبلور ملامح شخصياتنا وهوياتنا، تربطنا به منذ النشأة الأولى علاقة مصيرية، وحب تبادلي نما مع نموه وتحول إلى غريزة مستوطنة في الوجدان، تدفعنا دوما إلى الحنين إليه كلما إبتعدنا عنه، والغيرة عليه إذا ما تعرض لأي تحديات، والتضحية في سبيله، حتى أضحت قضية الدفاع عن الوطن في طليعة الواجبات الدينية والأخلاقية، التي تحتم علينا أن ننشد الخير والسلام والأمن له، وأن نموت في سبيله شهادة وخلودا في سجله التاريخي.
ومع أن حب الوطن فطرة لدى كل من ينتمي له، إلا أن هناك من لا يعرف معناه ولا يعمل بمقتضاه، فخبر جلالة الملك عبدالله الثاني ادام الله مجده “أن هناك من يتلقى أوامر من الخارج “الخونة”، المنتسبين لنا والمتورطين في عملية جمع معلومات تجسسية لمصلحة إحدى الدول، لا يجب أن يؤثر علينا، ففي كل الدول تجد شرذمة أغواهم الشيطان وعمى بصائرهم الحقد والحسد، فباعوا وطنهم وترابه وأهلهم وأمنهم للشياطين وأعوانه، إن خيانة الوطن جريمة، وعار لا يغفره التاريخ، لا يقدم عليه إلا دنيء الأخلاق، خسيس الطبع لا وفاء له ولا عهد، وليس منا من لا يتغنى بوطنه.
إن من أعظم وأخطر الخيانات، ما تقوم به بعض الجماعات من أبناء الوطن من أصحاب النفوس المريضة المغرر بهم كما وصفهم جلالته بالعيب، ممن لبوا نداء الشيطان وأعمى بصيرتهم الحقد، وختم على قلوبهم المكر والضغينة، ممن ارتهنوا للخارج بالتحريض والإغراء، واستغلالهم في مخططات مؤامراته وفتنه ودسائسه، حتى ارتضت العمالة ضد وطنها ومصالح أمتها، وضد أبنائها وأهلها وعشيرتها.
إن خيانة الوطن تجارة خاسرة، ووزر لا يغتفر، وجريمة لا تضاهيها جريمة، من يقدم عليها يستحق أقسى العقوبات، ممن يعينون على مقدرات الوطن وخيانته أشد فتكا، وأقسى ضررا في تدمير الوطن وتمزيقه وثرواته ومكتسباته من مكر الأعداء الظاهرين.
وبالطبع فإن هؤلاء المرتهنين لقوى خارجية توجههم وتسخرهم للإساءة إلى وطنهم والإضرار به، وتجعلهم يقومون بأعمالهم لحساب مشاريع وأجندات لجهات أخرى، لا تريد الخير لوطننا وأمتنا، يقومون بتوجيه طعنات مؤلمة في خاصرة الوطن بأيديهم الملوثة بالخطر، وإشعال الفتن والتطرف والكراهية، وتمزيق المجتمع وإغراقه في الفوضى وعدم الإستقرار.
وإن كان البعض من هؤلاء الانتهازيين والعملاء قد فضحتهم أعمالهم غير الوطنية، فلا أستبعد أن يكون البعض الآخر ممن ينصبون العداء والإساءة للوطن والإساءة، لا يزالون حاضرا في أوساطنا يتشكلون ويتلونون مع طبيعة الواقع الإجتماعي، الذي يعمل فيه، وركوب موجة الأحداث ووفق مقتضيات المرحلة، يساهمون في بث الإشاعات المغرضة التي تضعف الوطن، ويسيئون إلى سمعته ومكانته. وهناك خيانات أخرى للوطن، فالبحث عن الشهرة على حساب الوطن واستقراره خيانة، والمتاجرة بأمنه وزعزعته خيانة، وإثارة الفتن خيانة، وتأجيج الناس على الدولة قولا أو فعلا خيانة، ونحن على ثقة بأن أعمالهم لن تمر دون عقاب وستطولهم أيدي العدالة مهما استمروا في غيهم وظلالهم، وستظل تلاحقهم حتى أوكارهم ومصيرهم إلى زوال وخسران بإذن الله.
إن من العار التنكر لجميل هذا الوطن ،وأن يقدم الفرد على خيانة وطنه الذي ترعرع فيه، ونال من خيراته، واستفاد من إمكاناته، فيفشي سر حاضره ومستقبله، ولكننا نثق كثيراً بقدرة أجهزتنا الأمنية في إسقاط مخططاتهم ونشد على أيديهم لزيادة الحذر واليقظة والانتباه، لما يحيكه الأعداء من الخارج والداخل ضد وطننا الغالي. ويتطلب منا الولاء لهذا الوطن والوفاء له، وأن تتضافر جهودنا ونقف صفا واحدا وفي خندق واحد، لمواجهة بائعي الأوطان والمطالبين باختلاف الكلمة وزعزعة الوحدة، المنشدين للغوغائية والتصدي لمخططاتهم وفضح بضاعتهم الكاسدة.
هل*???! جزاء الوطن الغالي تنكر وحقد، وكراهة وخيانة وعمالة، أهكذا توفى الأوطان حقها؟! أرض الولادة والنشأة، وعهد الصبا والشباب.. الوطن الذي منحنا كل شيء على ثراه الغالي خيرا ورخاء، وأمنا واستقرارا.. أهكذا نبيعه بثمن بخس للعابثين والمفسدين.
إن هيبة الوطن وأمنه خطان أحمران، فهل يعي المتربصون بأمنه، والمرجفون ممن يبيعون عقولهم لمراجع الزيغ والخروج عن الإستقامة، والفساد والضلال، إن هذه البلد محروس بالحق، ومنتصر بالله، وسنبقى الأوفياء المخلصين، وليحفظ الله بلدنا من كل ماكر ومتربص ومغرض وحاقد. “ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”.


توقيع المستشار عبد الناصر صبري نصار.

Share This Article