Ad image

تسريبات سيجال الأمريكية .. فضيحة استخباراتية تهز واشنطن والعالم

dawoud
4 Min Read

وكالة تليسكوب الاخبارية

في تطور غير مسبوق، كشفت تسريبات “سيجال” عن محادثات سرية لمسؤولين أمريكيين حول قضايا حساسة تتعلق بالشرق الأوسط، العلاقات الأوروبية، والنفط السعودي.

تم تسريب هذه المحادثات بعد إضافة الإعلامي البريطاني جيفري غولدبرغ عن طريق الخطأ إلى مجموعة دردشة مغلقة على تطبيق “سيجال”، تضم كبار المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب.

أبرز ما كشفته التسريبات هو التخطيط لضربات جوية على اليمن، الموقف المتوتر تجاه الحلفاء الأوروبيين، ومراجعة شاملة للعلاقات الأمريكية مع السعودية، مما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والعسكرية.

ضرب اليمن: خلافات داخل الإدارة الأمريكية

كشفت التسريبات عن نقاشات حادة بين نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الدفاع بيت هيغسيث حول الضربات الجوية ضد الحوثيين في اليمن.

وقد أعرب فانس عن رفضه تنفيذ الضربات، معتبراً أنها تخدم المصالح الأوروبية أكثر من المصالح الأمريكية، بينما دفع هيغسيث نحو تنفيذها فوراً لمنع إسرائيل من التحرك بشكل منفرد، أثار هذا الانقسام تساؤلات حول مدى تماسك الإدارة الأمريكية، خاصة في ظل تنامي التوترات في الشرق الأوسط وتزايد الضغوط على البيت الأبيض لاتخاذ إجراءات حاسمة.

العلاقات الأمريكية – الأوروبية: تحالف متصدع

كشفت المحادثات عن حالة من الاستياء داخل الإدارة الأمريكية تجاه الحلفاء الأوروبيين، حيث وصف بعض المسؤولين الأوروبيين بأنهم “عبء” يعتمد على واشنطن دون تقديم مقابل استراتيجي، أثارت هذه التصريحات غضب العواصم الأوروبية، التي باتت تشعر بأن الإدارة الأمريكية غير ملتزمة بالشراكة التقليدية بين الجانبين، قد تؤدي هذه الأزمة إلى تزايد استقلالية أوروبا في قضايا الدفاع والطاقة، وتقليل الاعتماد على واشنطن، وهو ما قد يعيد تشكيل التحالف الغربي بشكل جذري.

التوجه نحو الاستغناء عن النفط السعودي

تناولت التسريبات نقاشات داخل الإدارة الأمريكية حول تقليل الاعتماد على النفط السعودي، في خطوة قد تكون لها تداعيات كبرى على أسواق الطاقة العالمية، يبدو أن واشنطن تسعى إلى إعادة رسم خريطة تحالفاتها النفطية، مع زيادة الاعتماد على مصادر أخرى مثل الإنتاج المحلي الأمريكي والتعاون مع دول في أمريكا اللاتينية وأفريقيا، قد يؤدي هذا التوجه إلى تراجع النفوذ السعودي في أسواق الطاقة، وإعادة تقييم الرياض لعلاقتها بواشنطن، خصوصاً في ظل التنافس الجيوسياسي بين القوى الكبرى.

الإدارة الأمريكية إلى أين؟

تطرح هذه التسريبات تساؤلات جدية حول استقرار إدارة ترامب الجديدة، حيث تعكس خلافات داخلية عميقة حول السياسات الخارجية، ان عدم الاتفاق على كيفية التعامل مع الشرق الأوسط، التوتر مع أوروبا، والتحول في استراتيجيات الطاقة، يشير إلى وجود انقسامات داخل الإدارة بين من يسعون للحفاظ على التحالفات التقليدية ومن يدفعون باتجاه إعادة صياغة السياسة الأمريكية، وإذا لم تتمكن الإدارة من معالجة هذه الانقسامات، فقد تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ أجندتها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

مستقبل العلاقات الأمريكية – الأوروبية

مع تصاعد الخلافات بين واشنطن وبروكسل، يبدو أن العلاقات الأمريكية – الأوروبية تتجه نحو مزيد من التباعد، قد تدفع هذه الأزمة الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز قدراته الدفاعية المستقلة، وتقليل اعتماده على المظلة الأمنية الأمريكية، في المقابل، قد تسعى واشنطن إلى التركيز أكثر على تحالفاتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مما قد يغير توازن القوى داخل حلف الناتو ويؤثر على وحدة الغرب في مواجهة التحديات العالمية.

مستقبل العلاقات الأمريكية – السعودية: شراكة أم قطيعة؟

في ظل التوجه الأمريكي نحو تقليل الاعتماد على النفط السعودي، وتباين وجهات النظر حول الملفات الإقليمية، يواجه التحالف الأمريكي – السعودي اختباراً حقيقياً، قد تدفع هذه التغيرات الرياض إلى تعزيز علاقاتها مع الصين وروسيا، أو البحث عن تحالفات جديدة في الشرق الأوسط، وإذا لم يتمكن الطرفان من إعادة ضبط علاقتهما وفق معادلة جديدة، فقد نشهد تحولاً جذرياً في ميزان القوى الإقليمي، مما سيؤثر ليس فقط على السعودية وأمريكا، ولكن على الأمن والاستقرار العالمي بشكل عام.

تكشف تسريبات سيجال عن أزمات استراتيجية عميقة في السياسة الخارجية الأمريكية، ما يجعل المرحلة القادمة حاسمة في تحديد مستقبل العلاقات الدولية، ودور الولايات المتحدة في النظام العالمي.

الباحث والمحلل الاستراتيجي

دكتور خالد محمد السُليمي

Share This Article