Ad image

الفتنة لن تمر… والوطن أقوى

admT2
3 Min Read

بقلم: موسى الدردساوي

لم تكن البلاد يومًا مجرد حدود مرسومة على خارطة، ولا كان الانتماء يومًا شعارًا يُرفع حين نشاء ونسقطه حين نشاء.

هذه الأرض، بكل ما فيها من شمسٍ تشرق على وجوه الناس الطيبين، وسهولٍ احتضنت الحكايات، وجبالٍ ما انحنت، لم تكن يومًا إلا البيت الكبير، الذي إن تهدّد، سقطنا جميعًا من تحته.

في الأيام الأخيرة، علت بعض الأصوات، غريبة في نبرتها، مشوشة في أهدافها، تتخفّى خلف شعاراتٍ مستهلكة، تدّعي الحرص على فلسطين وغزة والقدس، لكنها ما نطقت يومًا بصدق، وما كانت بوصلتها إلا الخراب.

ينادون بعصيان، ويتمتمون بكلمات التمرد، ويوهمون الناس بأن الوطن في خطر من داخله، بينما الحقيقة تقول إنهم هم الخطر.

منذ متى صار العبث بالقانون وجهًا للحرية؟ متى صار التمرد بطولة، والفوضى مطلبًا؟

ومنذ متى كان دعم فلسطين يعني ضرب الأردن؟!

إن غزة، التي ننزف من أجلها، لا تقبل أن تُتخذ غطاءً لأجندات لا تعرف سوى التخريب، ولا القدس التي نصلّي نحوها ترضى أن يكون اسمها مدخلًا لتمزيق بيتنا الأول. أولئك الذين يلوّحون بالأعلام ويتوارون خلف الكلمات، لا يريدون النصر لفلسطين، بل يريدون الخراب لعمان، يريدونها صرخات في الشوارع بدل أن تكون دعاءً في المساجد، يريدون نارًا تأكل الخبز لا دفئًا في القلوب.

لكن الأردن ليس سهل الكسر، ليس واهنًا كما يتخيلون. ففي كل بيت أمّ دعت أن يحمي الله البلاد، وفي كل شارع أبٌ علّم أبناءه كيف يكون الوطن سيفًا لا يُكسر. والناس، أهل الأرض، لا تغريهم الشعارات العالية، ولا تخدعهم الهتافات الجوفاء. يعرفون أن صوت الوطن الحقيقي ليس الأعلى، بل الأصدق. والصادقون لا يخونون، لا يغدرون، لا يكسرون السقف فوق رؤوس أهلهم.

فليُقسم الأردنيون كما أقسموا في قلوبهم منذ زمن: لا، وألف لا. لا لكل يدٍ تحاول العبث بنظامٍ ارتضيناه، لا لكل صوتٍ حاقدٍ جاحدٍ يدّعي الوطنية وهو ينفث السم في دروبنا. لن نسمح أن يُسرق وجع غزة ليُزرع وجعٌ جديد في صدور أمهاتنا. لن نقبل أن تُستخدم القدس سلّمًا لتدمير بيتٍ ظل واقفًا حين تهدّمت البيوت من حوله. هذا الأردن، الذي ما خذل أحدًا، لا يُخذل.

وستمرّ الأيام، وتنكشف الوجوه، ويبقى الوطن. أما من أرادوا الخراب، فالتاريخ يعرف كيف يكتب أسماءهم تحت عنوانٍ واحد: عار.

Share This Article