وكالة تليسكوب الاخبارية – بقلم مظفر عثمان ابداح
يبدو أن قرار ترامب برفع الرسوم الجمركية هو بداية الحرب الاقتصادية في العالم، حيث لن تقبل الولايات المتحدة الأمريكية التنازل عن الهيمنة الاقتصادية على العالم، لأن قوة اقتصادها من قوتها العسكرية والسياسية، فالاقتصاد هو عصب الدولة.
اليوم؛ أمريكيا أمام خيارين إما القبول بالأمر الواقع، وإما المواجهة غير المضمونة النتائج، وذلك ما اختاره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لما تواجهه الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة من أزمات اقتصادية متزايدة حيث بلغ الدَين العالم الأمريكي 36.174 تريليون دولار وتوقعات بارتفاع نسبة التضخم إلى مستويات مرتفعة.
ترامب يتحدى بقراره الأخير أكثر من 120 دولة بخصوص رفع الرسوم الأمريكية، أي أن العالم كله سيتأثر بتلك القرارات، الهدف الرئيسي من الرسوم الأمريكية هو الصين الاقتصادية الصاعدة حيث تشكل الصين ما نسبته 35% من النمو الاقتصادي بالعالم وتشكل أمريكا ما نسبته 18% من النمو في العالم وذلك يعني أن الصين تشكل نسبة نمو ضعف ما تشكله الولايات المتحدة الأمريكية، ولن تبدأ الحرب على الصين الآن بل أن ترامب بفترته الأولى فرض رسوم جمركية على الواردات الصينية تقدر ب 250 مليار دولار، إلا أنه هذه المرة رفع الرسوم الجمركية على الصين بنسبة 20% لكن لم ترد الصين على ذلك، وهنا ظن ترامب أن الصين قد تستسلم مبكرًا لذلك قام برفع الرسوم الجمركية تقدر 34% لكن لم يمر هذا القرار عند الصين حيث ردت وبنفس النسبة أي 34%، وهنا بدأت الحرب بشكل أوضح حيث ردت الولايات المتحدة الأمريكية برفع الرسوم على الصين بنسبة 50% لتصل الرسوم الجمركية إلى 104% على الواردات الصينية وتعتبر تلك النسبة حكم إعدام على الواردات الصينية، لذلك قررت الصين برفع الرسوم إلى 50% لتصل إلى الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية إلى 84%، وثم ردت الولايات المتحدة الأمريكية برفع الرسوم إلى 145% لتقوم الصين برفع الرسوم إلى 125% أي النسبة التي رفعتها أمريكا إذ لم نحسب الرفع الجمركي الأول لأمريكا، لكن تعتبر الصين المتضرر الأكبر بتلك الرسوم حيث تستورد الصين من الولايات المتحدة الأمريكية مواد تقدر 143 مليار دولار، وتقدر صادرتها للولايات المتحدة الأمريكية 428 مليار دولار أي أن الفائض التجاري يقدر ب 292 مليار دولار، ترامب أوضح أنه يريد صفقة تجارية مع الصين، وتهدف تلك الرسوم إلى إجبارها لقبول تلك الصفقة، ويريد أيضًا تضييق الخناق على المستثمرين في الصين لنقل صناعاتهم إلى أمريكا، ورفع سعر صرف العملة الصينية (اليوان) ورفع نسبة التضخم وتقليل النمو، إلا أن الصين ترغب بالتخلي عن الدولار وخفض قيمة عملتها وهذا أسهل على الصين حيث أن الدولار الأمريكي يتعامل به العالم أجمع لذلك من الصعب التحكم بسعره أما اليوان الصيني فهو داخل الصين فقط وهذا ما يسهل على الصين التحكم به، يبدو أن ترامب شعر بسيطرة الشركات الصينية على الأسواق العالمية، مثل شركات السيارات، والهواتف، وغيرها، وتناسى ترامب ديون الصين على بلاده والتي تبلغ 760 مليار دولار، وهذا ما يجعل لها نصيب كبير بالسندات الأمريكية، إلا أن الصين حتى لم تستخدم ذلك السلاح حتى اللحظة.
وبالرغم من أن الصين تضررت كثيرًا بالرسوم الجمركية إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية ستعاني من أضرار كبيرة جدًّا أيضًا، إذ قامت الصين بخفض صادراتها التي كانت تشكل 20% من الصادرات الصينية في ولاية ترامب الأولى إلى 15% في ولايته الثانية، وهذا يعني أن الصين قامت بخطوة استباقية من خلال البحث عن أسواق أخرى، ورغم ذلك الانخفاض إلا أن هناك مواد صينية تشكل ما نسبته 50% من السوق الأمريكي، فالأسعار سترتفع في الولايات الأمريكية مما يزيد نسبة التضخم وقد يؤدي إلى ركود كبير يستدعي طبع المزيد من الدولارات، وهذا يعني فشل خطة ترامب بخفض النفقات، ومن يتألم أولًا هو الخاسر.
لا خلاف بأن القرار الأمريكي الأخير لم يكن مُوجهًا للصين فقط، حيث فرضت الضرائب على دول صديقة وشركاء مهمين مثل اليابان، كوريا الجنوبية، الاتحاد الأوروبي، الهند، تايوان، وغيرها من الدول، مما يجعل القرار الأمريكي كانقلاب على الاتفاقيات التجارية العالمية، وستحاول العديد من هذه الدول التي كانت تثق بالولايات المتحدة الأمريكية الاستقلال الاقتصادي عنها، وهذا الفرق بين سياساتها وسياسات الصين بالتعامل مع الدول، حيث تسعى الصين أن تكون شريكًا رئيسيًا مع دول العالم، وهذا ما يفاقف الشعوربالخوف لدى أمريكا من الهيمنة الصينية على الاقتصادية العالمية.