
وكالة تليسكوب الإخبارية مكتب العقبة متابعة الإعلامي موسى الدردساوي
أكد رئيس الوزراء الأسبق، الدكتور عبدالرؤوف الروابدة، أن الأردن منذ تأسيسه سعى لترسيخ موقعه بين أشقائه في الإقليم كدولة عروبية وحدوية التوجه والممارسة، واختار طريق التميّز في مجالات تحقق فيها الإنجاز، وعلى رأسها الاستثمار في الإنسان، باعتباره “أغلى ما نملك”، وكانت التربية أولى ساحات هذا الرهان.
جاء ذلك خلال افتتاحه، اليوم الأربعاء، في مدينة العقبة، أعمال المؤتمر العلمي الدولي السنوي العاشر الذي تنظمه الجمعية الأردنية للعلوم التربوية، تحت عنوان: “رؤى وأفكار لقضايا ساخنة في التعليم”، وبالتعاون مع جامعة القدس.
وأضاف الروابدة أن الأردن أسّس منظومة تربوية تُعد أنموذجًا في المنطقة، وقدّمت قيادات سياسية وإدارية ساهمت في بناء الوطن، وأسهمت بدور فعّال في تطوير المؤسسات التربوية في دول عربية عدة.
وأشار إلى أن المؤسسة التعليمية لم يعد بإمكانها أن تبقى رهينة ماضيها، في وقت يشهد فيه العالم انفجارًا معرفيًا متسارعًا، وطفرة تكنولوجية وصناعية لا تعترف بالحدود أو الثوابت. ودعا إلى ضرورة صياغة منظومة تربوية عربية حديثة، مرنة، وتقدمية، تستوعب المتغيرات وتنتج مواطنًا حرّ التفكير، مؤمنًا بالحوار، رافضًا للانغلاق والتعصب.
وشدد الروابدة على الحاجة الملحّة إلى “مدرسة بلا أسوار”، تكون بيئة تشاركية لجميع الفاعلين، وتعيد الاعتبار لمكانة المعلم، وتُخرّج أجيالًا تُجيد التفكير النقدي، وإنتاج المعرفة، وتحمل همّ الوطن وتفهم قيمة المواطنة.
من جهته، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم التربوية، الوزير الأسبق الدكتور راتب السعود، إن إصلاح التعليم في العالم العربي يعتمد أولًا على وعي الدول بأهمية التعليم، والتزامها بتمويله وتطوير بنيته التشريعية والمؤسسية، لما لذلك من دور حاسم في نهضة المجتمعات اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا.
وأشار السعود إلى أن دعم التعليم يستلزم تطوير التشريعات، وتحسين أوضاع المعلمين، وتوفير بيئات مدرسية ملائمة، وضمان عدالة الفرص التعليمية لجميع الطلبة دون استثناء.
وسلّط الضوء على أبرز التحديات التي تعاني منها نظم التعليم العربية، ومن أبرزها: نقص التمويل، وضعف برامج إعداد وتأهيل المعلمين، واعتماد أساليب تقليدية تفتقر إلى التفاعل والابتكار، إضافة إلى مناهج لا تواكب تطورات العصر، وغياب القيادة التربوية القادرة على إحداث التغيير.
وبيّن السعود أن هذا المؤتمر يأتي في إطار جهود الجمعية لإطلاق حراك تربوي عربي فاعل، يواكب التحولات المتسارعة، لاسيما في مجالات التكنولوجيا وثورة الاتصالات، بما يسهم في تصويب مسار التعليم العربي والنهوض به نحو مصاف الأنظمة التعليمية العالمية الرائدة.
وفي السياق ذاته، أكّد رئيس جامعة القدس، الدكتور حنّا عبدالنور، أن العالم يشهد تحولًا عميقًا في فلسفة التعليم، لم يعد يقتصر على المحتوى الأكاديمي، بل يمتد ليطال الطالب نفسه كركيزة أساسية للعملية التعليمية، وكذلك أدوات وأساليب التعليم وأهدافه.
وقال عبدالنور: “نحن أمام نقلة نوعية تقودنا نحو نماذج تعليمية أكثر شمولية ومرونة، تركّز على تنمية قدرات المتعلم في مختلف المراحل التعليمية، من الطفولة المبكرة إلى التعليم العالي”.
وأشار إلى أهمية تأهيل المعلمين للتعامل مع الأنظمة التعليمية المعززة بالذكاء الاصطناعي، وإعداد كوادر قيادية قادرة على بناء مدارس شاملة، تحتضن التنوع وتتبنّى الابتكار، دون أن تغفل القيم الإنسانية والعربية.
وفي الجلسة الافتتاحية، قدّم الدكتور أشتون فرنانديز، مدير تصنيفات “كيو إس” لمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، عرضًا حول دور التصنيفات العالمية للجامعات، مستخدمًا تصنيف “كيو إس” كنموذج في تطوير المؤسسات الأكاديمية.
ويستمر المؤتمر لمدة ثلاثة أيام، يناقش خلالها التحديات الراهنة التي تواجه التعليم في الدول العربية في ظل المتغيرات العالمية، بمشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين من الأردن وعدد من الدول العربية، من خلال 46 ورقة علمية.
وقد ناقشت الجلسة الأولى أوراقًا بحثية متنوعة، من أبرزها: القيادة الأخلاقية لدى مديرات رياض الأطفال في فلسطين، خطة إعلامية لتوعية طلبة “BTEC” في الأردن، وتطبيقات القيادة بالقيم في المدارس الحكومية الفلسطينية. كما طرحت أبحاثًا حول القيادة العلائقية والالتزام التنظيمي، والقيادة السامة في مديريات التربية الفلسطينية، إضافة إلى نماذج مقترحة للقيادة بثقة وبأخلاق الشيوخ لدى مديري المدارس في الأردن.