Ad image

صلاحيات إضافية للأمناء العامين.. توجه يتطلب التمكين والتقييم والمساءلة

dawoud
10 Min Read

وكالة تليسكوب الاخبارية

فيما كشف رئيس الوزراء د. جعفر حسان، عن توجه لمنح الأمناء العامين للوزارات صلاحيات إضافية لتسريع الأداء، رحب خبراء إداريون بهذا التوجه، مبينين أن الأنظمة الإدارية للوزارات تعطي صلاحيات واسعة للأمين العام، لكن الأهم يتعلق بكيفية التطبيق، ولذلك لا بد من التمكين والتقييم والمساءلة لتحسين الأداء.

وأشاروا إلى أن تأكيدات حسان في اجتماعه مع الأمناء العامين الأسبوع الماضي، على دورهم بإدارة العمل في الوزارة، هي توجيه لعملية التطوير، ووضعها في سياقها السليم. داعين للتواصل بينهم مع الرئيس مباشرة، ليكون على اطلاع حقيقي بما يجري، على أن يسبق هذه اللقاءات إعداد تقارير تقييمية من جهات مستقلة للوزارات والدوائر والمؤسسات.
توجه سليم
في هذا السياق، قالت وزيرة الدولة لتطوير القطاع المؤسسي الأسبق، ياسرة غوشة، إن تأكيد حسان في اجتماعه مع الأمناء العامين على دورهم بإدارة العمل في الوزارة، توجيه سليم، مضيفة أن دور الأمين العام محوري كما دور المديرين بالوزارات. وبحسب أفضل طرق الإدارة، فإن الشخص المسؤول عن إدارة الوزارة هو الأمين العام؛ لأن الوزير منصب سياسي، لذا يجب إعادة الدور الكبير للأمين العام، فهو الفني والخبير بأمور الوزارة الفنية والإدارية، والمتابع لسير خطة وتطبيق برامجها وخدماتها، ويجب أن تكون له الصلاحية الكاملة لاتخاذ القرار.
وقالت غوشة، إن القيادات الإدارية الناجحة، قادرة على التغيير بما يصب في المصلحة العامة، وهذا يترك إرثا في بناء أجهزة حكومية قوية، للتمكن بعدها من السير بالطريقة ذاتها لتحقيق مزيد من الإنجاز، مضيفة انه “حتى نحقق إنجازا ملموسا، يجب أن يوجّه الإصلاح من أعلى المستويات الإدارية في الحكومة، إذ لن يتحقق تغيير أو تطوير بعيداً عن دعم والتزام الإدارة العليا، القادرة على اتخاذ قرارات حاسمة ومحايدة تحقيقاً للمصلحة العامة”. 
وأضافت أن التشتت والازدواجية، تعوق التطوير الإداري، وهنا تبرز أهمية دور الأمين العام بتنسيق العمل بين الإدارات حتى لا يتأخر اتخاذ القرار، لذا يجب أن يكون مفوضا باتخاذ القرارات؛ لتسهيل العمل، وفي الوقت ذاته، تخفيف الضغط على الوزير كي لا ينشغل بالأمور الإدارية والتشغيلية للوزارة. 
وبينت غوشة، وجوب العودة لما كنا عليه في فترات سابقة، عندما كان الوزير داعما للأمين العام الذي ينفذ برامج عمل الوزارة، ولذا فإن تفعيل دور القيادات التنفيذية سينعكس إيجابيا في الحفاظ على مؤسسية العمل في دوائرهم، مؤكدة أهمية الفصل بين الموقع السياسي والإستراتيجي للوزير، والموقع التنفيذي لهذه الفئة من القيادات.
وأكدت أهمية دور لجان التخطيط المشكلة من الأمين العام والمديرين، والتي يترأسها الوزير أحيانا، لأهمية دورها بوضع الخطط التنفيذية وبرامج العمل المنبثقة عن خطة عمل الحكومة ومتابعة أعمالها، وإعداد موازناتها السنوية وجداول تشكيلات وظائفها، وتقديم التوصيات بشأنها.
وقالت، إن نجاح التطوير الإداري لا يتحقق بمجرد الإملاء، بل بالمشاركة الفاعلة للموظفين كافة؛ وهم من يملكون المهارات المطلوبة، ومن يمكن تحفيزهم برفدهم بإدارات جيدة، وتمكين الأمين العام بشكل أكبر من القيام بالواجبات المنوطة به حسب النظام، فتفعيل دوره وتمكينه يعزز عمل الوزارة وينجحها. 
وزادت: “إذا كان الإصلاح الإداري غير مرتبط بفترة زمنية، بل هو مستمر وتتحقق نتائجه باستمرارية العمل، فهذا يؤكد دور الأمين العام الذي يجب أن يبقى في موقعه لفترة أطول إذا كان منجزا، وألا يتم تغييره بمجرد تغير الوزير، ويكون دوره عاليا بإدارة شؤون الوزارة وليس شكليا.
وأوضحت غوشة، أنه غالبا، يعد فشل تطبيق أفكار جيدة لضعف المتابعة أو انعدامها، أو كنتيجة لكثرة التنقلات في المؤسسة وإعادة تنظيم الهيكل الإداري، ما يتسبب بعدم الاستقرار وبقاء المسؤولين والمتابعين للتغيير في مواقعهم لفترات كافية لتحقيق الإنجاز. 
وتابعت، كما أن كثرة التغييرات في الوزارات، يؤدي لهجرة الكفاءات والخبرات المتخصصة، وهذا من أهم معضلات التطوير، بالإضافة لتمكين الأمناء العامين، ونحن بحاجة لتعزيز قدراتهم، وإقامة لقاءات شهرية بينهم، وبحضور متنوع لأصحاب القرار معهم والاستماع لهم، وتبادل الآراء، وهذا له دور كبير بانتهاج سياسة التواصل المستمر.
وبحسب غوشة، نحن بحاجة لقيادة إدارية من أمناء عامين يملكون القيادة الفعالة، والقدرة على الإقناع، ما يتطلب القدرة أيضا على استيعاب الآراء وبناء توافق عليها، والقدرة على التواصل المستمر، وتحفيز العمل الجماعي، والمرونة والتخلص من الجمود، وتحمل المسؤولية علاوة على المساءلة.
ولفتت إلى أن كل هذه الأعباء لا يمكن للأمين العام القيام بها، ما لم يكن متمكّنا من صلاحياته، وفي المقابل اعتمدت الحكومة نظاما لتقييم الأداء سنوياً لتجديد العقود، وهذا سيطبق على الأمناء العامين، وسيحدث أثراً حقيقياً في التطوير حال طبق بعدالة ومهنية، وسنحتفظ بالموظف الكفء ونحث الموظفين على التحسين نظرا لتطبيق المتابعة والتقييم المستمرين على الجميع.
تطوير الهياكل التنظيمية
الأمين العام السابق لوزارة تطوير القطاع العام د.عبدالله القضاة، بين أنه في مجال الدور القيادي والإستراتيجي، فإن الآلية تشمل تحديد الصلاحيات بوضوح بين الوزير والأمين العام لتجنب تضارب الأدوار، وبناء القدرات القيادية كالقيادة التحويلية، وإدارة التغيير والأزمات، والمشاركة بصياغة السياسات العامة؛ كتمكين الأمين العام من لعب دور رئيس بوضع الإستراتيجيات القطاعية.
أما على مستوى الكفاءة المؤسسية، فبين القضاة انه يجب تعزيز دور الأمين بتطوير الهياكل التنظيمية والوصف الوظيفي ومؤشرات الأداء، وإلزام العاملين باتفاقيات الأداء التي تضمن تحقيق المستهدفات السنوية التي تشكل أساسا للمساءلة، كما تمكينه من تطبيق الرقمنة وتحسين آليات التنسيق الداخلي، كإنشاء لجان عمل مشتركة بين المديريات المركزية تحت إشرافه، ويمكن إنشاء شبكة أمناء عامين لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى بين الوزارات.
وحول مهام الأمناء العامين، بعد لقاء وتوجيهات رئيس الوزراء، بين القضاة أن الأمين العام حلقة الوصل بين القرار السياسي وتنفيذه العملي، وتوجيهات حسان تُحوّله إلى دور أكثر تنفيذًا ومساءلة وقيادة للتغيير داخل الوزارة؛ ولتنفيذ ذلك يحتاج الأمين العام إلى خريطة طريق تنفيذية، ومؤشرات أداء، وقدرات تنسيقية رقمية، وآليات تفويض واضحة ومتوافقة مع الأنظمة.
وأضاف “بناءً على توجيهات رئيس الوزراء التي دعت الأمناء العامين لتحمّل المسؤولية وقيادة جهود التخطيط والتنفيذ، نتوقع تغيّرات عملية ومؤسسية أكثر وضوحًا في الدور، منها، فمثلا، تكثيف التركيز على التنفيذ السريع للبرامج الحكومية، فالأمين العام لم يعد فقط مديراً إدارياً بل قائد التنفيذ لخطط الحكومة، وكذلك زيادة المساءلة الدورية “عبر تقارير إنجاز قصيرة المدى تُرفع مباشرة لمجلس الوزراء” من خلال الوزير المعني”.
وزاد القضاة: “ومع أهمية التوجه نحو تمكين الأمناء العامين، بنقل وتفويض بعض صلاحيات الوزراء، والذين يعكف على إعدادهما وزير الدولة لتطوير القطاع العام ضمن فريق مختص من الخبراء، فإن دور الأمناء العامين حتما سيتضاعف بزيادة الرقابة على مؤسساتهم، حيث شدّدت توجيهات رئيس الوزراء على أنهم ركائز التحديث الإداري، وأن دورهم يجب أن يتجه نحو تسريع التنفيذ، ووضع معايير مؤسسية، وتعزيز المساءلة”. 
وقال “لذلك، فإن المطلوب من الأمين العام ليس فقط الإدارة، بل قيادة رقابية تنفيذية فعّالة تضمن الامتثال المؤسسي، والتأكد من تطبيق القوانين والتعليمات المالية، وأنظمة اللوازم والإجراءات الداخلية بالتنسيق مع الوحدات المعنية، وضرورة الاستجابة الفورية للنتائج الرقابية بتدابير تصحيحية واضحة، ومتابعة تنفيذ الخطط بربط التنفيذ بالموازنات، ومتابعة الإنفاق، والتأكد من أن نتائج الأداء تتوافق مع الخطة الوزارية”.
وأضاف “من الأدوار التي يجب أن يلعبها الأمين العام لتعزيز دوره، إدارة المخاطر والحوكمة وإدراج تقييم المخاطر في قرارات التشغيل، وكذلك إقرار ضوابط للحد من الفساد والهدر، ومراقبة مؤشرات الأداء، بحيث تعتمد مؤشرات قياسية للنتائج (نتائج/ مخرجات وليس فقط أنشطة) وربطها بمكافآت/ عقوبات واضحة، والالتزام بمصفوفة الصلاحيات الجديدة، والامتثال للتفويض اللازم الذي يتماهى مع التوجيهات الملكية في التحول نحو اللامركزية الإدارية”.
واقترح على الأمناء العامين ضرورة إطلاق خريطة طريق مدتها 120 يومًا تُحوّل التوجيهات لمبادرات، وتأسيس خلية تنفيذ في الوزارة (تخطيط، متابعة، اتصال) لقيادة المبادرات العابرة للمديريات، ورفع تقارير منتظمة للرئاسة عبر الوزير المعني، تضم على الأقل 3 مؤشرات رئيسة وعقبات تحتاج لتدخل رئاسي لحلّها، تمهيدا لوضع الخطة التنفيذية للأعوام المقبلة التي تترجم خريطة تحديث القطاع العام لواقع ملموس”.
تأهيل الأمناء العامين
وقال مدير عام معهد الإدارة العامة السابق د. راضي العتوم، معروف لدى الأوساط الإدارية بأن الأمين العام أو المدير العام، رأس العمل الفنّي بالوزارة والدائرة؛ وبالتالي يتمثل دوره بإدارة الأعمال والأنشطة الفنية المتخصصة وما شابهها في دائرته ومؤسسته، ولتنفيذ هذا الدور، يجب أن يتمتع بقدرتين حيويتين هما: معرفة فنية متخصصة بأنشطة وأعمال الدائرة، وامتلاك قدرة إدارية كافية لإدارة أصول الدائرة المتمثلة بالموارد البشرية، والمالية، والتجهيزات والمعدات.
وأكد وجوب توافر قدرات إدارية فذة لديهما، والتمتع بشخصية القائد لا المدير؛ أي ينبغي أن يكونا واسعي الاطلاع، ومنظمين، وذوي نظرة شمولية، ومدققين على القضايا الحرجة، ومتنبئين جيدين للمخاطر، وأمينين، وصادقين، ويتخذان القرارات الموضوعية البعيدة عن الشخصنة والتحيز، علما بأن كل تلك الصفات يصعب توافرها والالتزام بها دون رقابة ومتابعة وتقييم لأعمالهما.
وقال العتوم إن من القضايا الحرجة التي يُغيّب فيها دور كثير من الأمناء والمديرين العامين، ارتباطهم المباشر بوزير، والوزير هو من ينقل الصورة لمجلس الوزراء، وهذه في الواقع من أكثر المخاطر التي يواجهها العمل العام، وقد ينجو من نتائجها الأمين العام السيئ الإنجاز، فيما يقع في مخاطرها الأمين أو المدير العام المبدع والمميز، إذ يمكن للوزير أن يحجب عن مجلس الوزراء كثيرا من الإنجازات والإيجابيات لأمر في نفسه؛ ما يطيح بمسيرة عمل وتميزه.
وأضاف “لذلك، فإن المطلوب تعزيز التواصل بين الأمناء والمديرين العامين مع رئيس الوزراء مباشرة، حتى يكون الرئيس على اطلاع حقيقي بما يجري، على أن يسبق هذه اللقاءات تقارير تقييمية من جهات مستقلة للوازرات والدوائر والمؤسسات. مشيرا إلى أن تحديد سقف لولاية الأمين العام والمدير العام مهم جدا، إذ يمكن تحديده بأربع أو ست سنوات كحد أقصى، فإذا كان ناجحا ومتميزا فينقل إلى دائرة أخرى لينقل نجاحه إلى تلك الدائرة أو الوزارة.

Share This Article