Ad image

التسرب المدرسي…. أطفال على الرصيف وأحلام في الانتظار

dawoud
3 Min Read

وكالة تليسكوب الاخبارية – بقلم: موسى الدردساوي

في كل صباح حين أفتح باب منزلي متجهًا إلى عملي يتكرر أمامي مشهد يقطع القلب ويثير التساؤلات مجموعة من الفتيان لم تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة يجلسون على الرصيف المقابل يتبادلون الضحكات والسجائر الرخيصة بينما تدق أجراس المدارس معلنة بداية يوم جديد من العلم ألتفت إليهم متسائلًا لماذا لم يجلس هؤلاء على مقاعد الدراسة كما يفعل أقرانهم؟ لماذا اختاروا الرصيف بدلًا من الصف؟
هنا تتوقف العين للحظة ليس فقط أمام الأطفال بل أمام الواقع الذي جعل هذا الاختيار ممكنًا هذا المشهد اليومي لم يعد مجرد صورة عابرة بل أصبح سؤالًا يطاردني ما الذي دفع هؤلاء الأطفال للابتعاد عن المدرسة؟ وما الذي يقف وراء هذا الغياب عن مقاعد التعلم؟
التسرب المدرسي ليس مجرد رقم في تقرير أو خانة في إحصائية بل حكاية ناقصة لطفل لم يجد من يرافقه إلى آخر السطر بعضهم غادر المدرسة بدافع الفقر فالأهل يلهثون وراء لقمة العيش ويتركون أبناءهم بين خيار العمل المبكر أو التشرد وبعضهم فقد الرغبة في التعلم لأن المدرسة لم تنجح في احتضانه أو تحفيزه فظل تائهًا بين قسوة المناهج وبرود المعلمين وهناك من أرهقهم غياب المتابعة من البيت فانقطع الخيط بين الأسرة والمدرسة وتحول الغياب إلى عادة يصعب الرجوع عنها.
ومع مرور الأيام يتضح أن ثمن التسرب المدرسي باهظ يتجاوز الكتب والأقلام إنه يسرق من الطفل أحلامه الصغيرة ويستبدلها بفراغ موحش ويفتح أبواب البطالة والانحراف الأسرة التي تفقد ابنها من مقاعد التعليم تفقد معها فرصة الخروج من دوامة الحاجة والمجتمع يخسر طاقات كان يمكن أن تكون يدًا عاملة منتجة،
أو عقلًا مبتكرًا أو مواطنًا صالحًا.
إن المسؤولية هنا لا تقع على طرف واحد فقط فالأهل مطالبون بالمتابعة والتشجيع والمدرسة مسؤولة عن الاحتواء والرعاية والدولة مطالبة بتوفير بيئة تعليمية جاذبة لا طاردة إنها عملية تكاملية تحتاج إلى جسور ثقة وتعاون ووعي أن إنقاذ طالب واحد من التسرب يعني إنقاذ مستقبل كامل.
ورغم أنني لم أجد الإجابة النهائية وأنا أرى أولئك الفتيان على الرصيف أدركت أن القضية ليست عناد أطفال بقدر ما هي عجز مجتمع وإن كنا حقًا نؤمن أن التعليم هو الطريق نحو مستقبل مشرق فعلينا جميعًا أن نمد أيدينات( بيتًا ومدرسةً ودولةً) لنمنع أي مقعد من أن يبقى فارغًا فكل كرسي فارغ اليوم هو مستقبل ناقص غدًا وخسارة لا تعوض وكل جهد لصالح التعليم هو استثمار في حياة كاملة ومستقبل أكثر أمانًا للجميع.

Share This Article