وكالة تليسكوب الاخبارية – بيروت/ وسيم سيف الدين/
عقب انتقاد مسؤولين لبنانيين تصريحات المبعوث الأمريكي توماس باراك بشأن تعامل بيروت مع ملف نزع سلاح “حزب الله”، حذر خبراء من أن الموقف يعكس اتجاهًا تصعيديًا إسرائيليًا – أمريكيًا مشتركًا، قد يفتح الباب أمام حرب واسعة على الجبهة اللبنانية.
وفيما ردّ رئيس مجلس النواب نبيه بري بقوة على تصريحات باراك، رفضًا لما وصفه بـ”التحريض”، أكد رئيس الحكومة نواف سلام التزام الدولة ببسط سلطتها دون تفريط بالسيادة.
من جانبهم، اعتبر محللون وخبراء عسكريون التصريحات محاولة لفرض أمر واقع قد يكون مقدمة لتوسيع العدوان الإسرائيلي على لبنان.
وكان باراك، ادعى الاثنين، في مقابلة تلفزيونية أن “كل ما يفعله لبنان هو الكلام، ولم يفعل شيئا، وعلى الحكومة اللبنانية تحمل مسؤولياتها، وأن تعلن بوضوح أنها ستنزع سلاح حزب الله الذي يعيد بناء قوته”.
وفي اليوم نفسه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “نحن في صراع، ونحقق فيه انتصارات على أعدائنا، ويجب علينا القضاء على محور إيران، ونحن قادرون على ذلك. هذا ما ينتظرنا في العام المقبل، الذي قد يكون عاماً تاريخياً بالنسبة لأمن إسرائيل”.
والثلاثاء انتقد بري، تصريحات باراك بشأن تعامل بيروت مع ملف نزع سلاح “حزب الله”، قائلا إن جيش بلاده “ليس حرس حدود لإسرائيل، وسلاحه ليس فتنة بل سلاح لحماية السلم الأهلي”.
من جهته، أعرب رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عن استغرابه من تصريحات باراك التي شككت في جدية الحكومة ودور الجيش، مؤكداً التزام الحكومة بتنفيذ بيانها الوزاري، لا سيما في ما يتعلق بالإصلاحات وبسط سلطة الدولة وحصر السلاح بيدها.
وأشار سلام إلى ثقته بالجيش اللبناني في حماية السيادة وتنفيذ المهام الموكلة إليه، بما في ذلك الخطة التي قدّمها لمجلس الوزراء مطلع الشهر الجاري.
ودعا سلام المجتمع الدولي إلى تعزيز دعمه للجيش اللبناني والضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة ووقف انتهاكاتها، تطبيقاً لإعلان وقف الأعمال العدائية الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وفي 5 أغسطس/ آب الماضي قررت الحكومة اللبنانية حصر السلاح بما فيه سلاح “حزب الله” بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة لإتمام ذلك خلال شهر وتنفيذها قبل نهاية عام 2025، إلا أن القرار لاقى اعتراضا من “حزب الله” و”حركة أمل”.
وأكد الأمين العام لـ”حزب الله” نعيم قاسم، مرار، أن الحزب لن يسلم سلاحه إلا في حال انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية وإيقاف عدوانها على البلاد والإفراج عن الأسرى وبدء إعادة الإعمار.
وفي 5 سبتمبر/أيلول الجاري أقرت الحكومة اللبنانية، خطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة، لكنها قررت الإبقاء على مضمونها والمداولات بشأنها “سرية”.
* تصعيد إسرائيلي
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني يوسف دياب، اعتبر أن تصريحات باراك تشير إلى اتجاه تصعيدي من إسرائيل تجاه لبنان، محذرًا من “تداعيات خطيرة” قد يشهدها البلد في المرحلة المقبلة.
وقال دياب، في تصريحات للأناضول، إن “الإدارة الأمريكية تتبنى بوضوح النهج التصعيدي الذي ينتهجه نتنياهو، لا سيما تجاه ما يُعرف بمحور إيران”.
وأشار إلى أن نتنياهو سبق أن أعلن أن العام المقبل سيكون “عام القضاء على هذا المحور”.
وأضاف: “الوضع في لبنان مقلق، وكل المؤشرات تدل على أن البلاد مقبلة على مرحلة من التصعيد، خصوصًا مع احتمال أن تعيد إسرائيل توجيه عملياتها نحو الجبهة اللبنانية”.
وأكد أن “لبنان يعيش مرحلة ترقب خطيرة”، مشيرًا إلى أن “إسرائيل لم تعد تميز بين الأهداف المدنية والعسكرية، بدليل أن الضربة الأخيرة أسفرت عن مقتل عائلة لبنانية كاملة”.
وكانت وزارة الصحة اللبنانية أفادت الأحد في بيان، بأن “غارة العدو الإسرائيلي بمسيرة على قضاء بنت جبيل أدت في حصيلة محدثة إلى سقوط 5 شهداء من بينهم ثلاثة أطفال، وأصيب شخصان بجروح”.
وحذّر دياب من أن “المرحلة القادمة قد تكون من أصعب ما مرّ به لبنان، مع احتمال أن نشهد تصعيدًا كبيرًا خلال شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر)، كما حدث في عام 2024”.
وشدد على ضرورة مراقبة ما قد يُقدم عليه حزب الله في ذكرى اغتيال أمينه العام السابق، حسن نصر الله، وخلفه هاشم صفي الدين، و”الأخذ بعين الاعتبار أن إسرائيل قد تسعى لتنفيذ ضربة استباقية في هذا التوقيت لمنع الحزب من المبادرة أو تعزيز حضوره على الساحة الداخلية والخارجية”.
واغتالت إسرائيل نصر الله في 27 سبتمبر 2024 بسلسلة غارات عنيفة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، وبسلسلة غارات أخرى اغتالت صفي الدين في 3 أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه.
* تصريحات مرفوضة
أما الخبير العسكري اللبناني هشام جابر، فانتقد تصريحات باراك، معتبراً أنها تتضمن تهديدات مباشرة للبنان وتعبّر عن موقف “دولة عظمى تنسى حدود مسؤولياتها”، على حد وصفه.