Ad image

صباحيات في ظلال معركة طوفان الأقصى (372)

dawoud
5 Min Read

وكالة تليسكوب الاخبارية – بقلم الكاتب سليمان_الرطروط

الله لطيف ورحيم بعباده، ويقبل التوبة منهم بعد اقتراف الذنوب، ويعفو عن السيئات، والدخول في الإسلام والإيمان ينفي ما قبله، ولذا أرسل الله لهم الأنبياء والرسل عليهم السلام ، كما ويبتلي عباده ببعض المصائب، ليرجعوا إلى ربهم ، ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ السجدة ٢١

( قال ابن عباس : يعني بالعذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها وآفاتها ، وما يحل بأهلها مما يبتلي الله به عباده ليتوبوا إليه) _ابن كثير _ .

وذهب بعض العلماء أن العذاب الأكبر : عذاب القبر والبرزخ، أو عذاب جنهم يوم القيامة، ورجح آخرون أن المراد به القتل، لأن المشرك والكافر إن قُتل فلا رجعة له.

ثم يشير الله أنه لا يوجد أظلم ممن جاءته الموعظة والتخويف، والآيات الأخرى لردعه عن طرق الشيطان، فأصر واستكبر، وأعرض وصد عن سبيل الله، واقترف الإجرام بحق الثلة المؤمنة، فلا شك أن عاقبته وخيمة وخاسرة، ولن يفلت من عقوبة الله وانتقامه في الدنيا والآخرة ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾ السجدة ٢٢

ولعل في الآيات التالية بشارة للنبي ﷺ والثلة المؤمنة من حوله لنصر الله لهم حيث كانوا بمكة، وأنه سيجعلهم أئمة، وقادة للناس، وآنذاك فإنهم يدعون للخير، ويحكمون بدين الله، ولكن بشرط الصبر والثبات في هذه المرحلة، واليقين والإيمان الراسخ في القلوب، وعدم التردد أو الشك بأن الله ينصر عباده المؤمنين، فإن الله جعل لكل شيء وقتا محدودا.

 وقد ضرب الله لذلك مثلا موسى عليه السلام والذين آمنوا معه، حيث نصرهم على أكبر طغاة الدنيا، وجعل لهم وراثة الأرض بعد عهود من الذل والمهانة،  فقال سبحانه : ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ ۖ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ السجدة

وتنبه الآيات أنه بعد النصر، وانفتاح الدنيا على الثلة المؤمنة والاستقرار يبدأ التجاذب الكلامي واختلاف الآراء، وتنازع الأفكار حول تأويل النص الإلهي والنصوص الشرعية الأخرى، كما وتظهر مشاكل وأحداث مستجدة تحتاج للحلول والاجتهادات، والتي قد يختلف الناس وخاصة العلماء فيها، والكل يدعي الصواب، وحينئذ فإن الله يفصل بينهم يوم القيامة، لأن لكل مجتهد مخلص النية أجر وثواب، وإن كان ذلك ما حدث مع بني إسرائيل من قبل، وهو ما حصل فيما بعد مع المسلمين، ولكن لا ينبغي أن نكفر بعضنا البعض ما دام القول والرأي اجتهاد لا يُخرج صاحبه عن دائرة الإسلام الواسعة ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ السجدة ٢٥

وفي ظل المعركة الحالية فإن الظالمين الغاصبين وأعوانهم تغشاهم ألوان من العذاب الدنيوي كالخوف والرعب، حيث صافرات الإنذار لم تتوقف منذ سنة في أغلب الأرض المقدسة، والانهيار الاقتصادي المتدرج، وزيادة كراهية الناس لهم، ومع ذلك يصرون على الظلم والبغي والإجرام، وعدم الانصياع لكلمة سواء، والاستمرار في الإجرام،  ومما لا شك فيه أن نقمة الله وعذابه سيحل عليهم لا محالة ﴿ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾

والأولى لهم بعد كل هذا الإجرام غير المسبوق على شعب مظلوم وشبه أعزل، ولذا فلن يستطيعوا العيش والإقامة مستقبلا في خضم المحيط المعادي لهم من كل جانب، والأفضل لهم الهروب والمغادرة والنجاة بأنفسهم وأولادهم، فإن روح الانتقام والثائر تسري في الأمم والشعوب من حولهم، ولا بد من يوم عسير أن يحل بهم، وآنذاك تتحقق بهم الخاتمة الموعودة في قوله تعالى : ﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ الإسراء ٧  

وأما الثلة المؤمنة الصابرة والموعودة بالنصر والتمكين والغلبة، فما أشبههم بالذين أمنوا مع موسى ومحمد عليهما السلام وأظن أنهم داخلون في وعد الله وينطبق عليهم قوله عزوجل :﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ وما ذلك على الله بعزيز، فلله الأمر من قبل ومن بعد.

#الأرض_المقدسة_المباركة

#الطائفة_المنصورة

#القدس_غزة_عسقلان

#سليمان_الرطروط

Share This Article