وكالة تليسكوب الاخبارية
كلما اشتدت النيران في مكانٍ ما من هذا العالم.. كانت هناك خريطة تُرسم خلف دخان المعارك.. وكلما زاد عدد الجثث في أرضٍ ما.. كانت هناك اتفاقيات تُسكب في محابرها أطنان الذهب لا الحبر..
فلا عجب إن أوقفت الولايات المتحدة النار في اليمن.. بينما لا تزال ترفد الكيان المحتل.. بكل ما يلزمه ليمضي في تدميره لغزة.. ولا عجب إن طلب الحوثي نفسه وقف إطلاق النار.. في الوقت الذي لا تزال فيه صواريخه تتطاير في سماء البحر الأحمر.. دون أن تصيب شرياناً واحداً للاحتلال بالشلل.. أو الانكسار.. فربما المطلوب منها فقط.. أن تُحدث الضجيج دون أن تُصيب.. وأن تُبقي الصورة مشوشة.. والبوصلة منحرفة..
فما يجري هو لعبة أدوار بإتقان.. تتصدر فيها الولايات المتحدة مشهد الوسيط الساعي للسلام.. بينما تنقل الأسلحة.. وتُشعل النيران.. وتُغذّي النزاعات في ذات اللحظة.. تضمن استمرار التجارة.. وتُبقي العالم على حافة التوتر.. لكنها لا تسمح بانفجاره الكامل.. إلا في الزمان والمكان الذي يناسبها..
وإن نظرنا إلى ما يجري في غزة.. نجد التصريحات الإسرائيلية تتزايد عن تكثيف الهجمات.. وعن حشر الناس في بقعة صغيرة من الأرض.. لإجبارهم على الخروج منها قسراً.. وتلك خريطة أخرى تُرسم بالبنادق والقذائف ومدادها من دم.. ويُراد لها أن تُفرض بالقوة..
ثم تأتي التحركات الإيرانية الأمريكية الغامضة.. تهدئة هنا.. وتصعيد هناك.. وكأنها رقصة مصالح على حافة الشك والضباب.. وما بين ضربةٍ جويةٍ في العراق.. وصفقةٍ نفطيةٍ في طهران.. تضيع الحقيقة.. إلا على مَن يُدقق جيداً..
أما أوكرانيا.. فهي الجرح النازف الآخر.. حيث روسيا تفرض واقعاً جديداً على الأرض.. وأمريكا تُناور سياسياً وتمويلياً.. دون رغبة حقيقية في الحسم.. ربما لأن استمرار النزيف.. يُخدم خريطة أخرى.. يُعاد فيها رسم النفوذ في أوروبا والشرق معاً..
كل هذا.. وترامب يعود إلى المسرح.. بأسلوبه التجاري.. ونزعته إلى الصفقات.. لا المبادئ.. فعندما قال رئيس الوزراء الكندي “كندا ليست للبيع”.. همس له ترامب.. “لا تقل أبداً”.. فالأرض عنده تُشترى وتُباع.. ولا