Ad image

ما هي مادة الأطر المعدنية العضوية (MOFs)؟!!

dawoud
3 Min Read

وكالة تليسكوب الاخبارية – بقلم د.ثابت المومني

تُعدّ الأطر المعدنية العضوية (Metal–Organic Frameworks – MOFs) من أهم الاكتشافات العلمية الحديثة التي غيّرت مسار علم الكيمياء وعلوم المواد حديثا، وهي التقنية التي ابتكرها العالم الأردني الدكتور عمر ياغي ونال على أساسها جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025.

هذا الابتكار لا يقتصر على كونه اكتشافًا علميًا فريدًا، بل يمثل ثورة في إمكانية استخدام المواد لبناء مستقبل أكثر استدامة في مجالات المياه والطاقة والبيئة.

تتكوّن مادة الأطر المعدنية العضوية من عُقَد معدنية (Metal Nodes) مثل الزنك أو الألومنيوم أو الزركونيوم حيث ترتبط مع جسور عضوية (Organic Linkers) تحتوي على الكربون، لتُشكّل شبكة بلورية ثلاثية الأبعاد ذات مسامية عالية جدًا (High Porosity). يمكن تخيّلها كإسفنجة صلبة تحتوي على فراغات دقيقة قادرة على امتصاص أو تخزين جزيئات صغيرة مثل الماء أو الغازات.

المدهش أن غرامًا واحدًا فقط من هذه المادة يمتلك مساحة سطحية داخلية قد تصل إلى آلاف الأمتار المربعة، أي ما يعادل مساحة ملعب كرة قدم، مما يجعلها مادة خارقة في قدرتها على التقاط الجزيئات والتفاعل معها.

آلية عمل الـ MOFs تقوم على مبدأ الامتزاز والتحرير الدوري (Adsorption–Desorption Cycle).
فهي تمتص بخار الماء من الهواء خلال الليل عندما تكون الرطوبة النسبية مرتفعة، ثم تُطلق هذا البخار عند تعرضها لأشعة الشمس في النهار، ليتكاثف الماء ويصبح صالحًا للشرب.
هذه العملية الطبيعية لا تحتاج إلى طاقة كهربائية عالية أو أجهزة معقّدة، بل تعتمد فقط على الطاقة الشمسية والاختلاف الحراري بين الليل والنهار، مما يجعلها مناسبة تمامًا للبيئات الجافة مثل الأردن والشرق الأوسط.

لقد فتحت هذه التقنية بابًا جديدًا في علم الكيمياء يُعرف اليوم باسم الكيمياء الشبكية (Reticular Chemistry)، وهو العلم الذي يُعنى بتصميم المواد من وحدات صغيرة متكررة بطريقة يمكن التنبؤ بخصائصها مسبقًا.

ومن خلال هذا النهج، أصبح بالإمكان تصنيع مواد تُستخدم في مجالات متعددة مثل إنتاج المياه من الهواء (Atmospheric Water Harvesting)، تخزين الغازات (Gas Storage)، التقاط ثاني أكسيد الكربون (CO₂ Capture)، تنقية الهواء (Air Purification)،
وحتى توصيل الأدوية داخل الجسم البشري (Drug Delivery Systems).

نال الدكتور عمر ياغي جائزة نوبل لأن اختراعه لم يكن مجرد مادة جديدة، بل تأسيس لفكرٍ علمي جديد يُمكّن العلماء من بناء المواد بطريقة هندسية دقيقة على المستوى الذري.
وبفضل عمله، أصبح بإمكان البشرية إنتاج الماء من الهواء في الصحارى، وتخزين الطاقة النظيفة، وتقليل الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، في خطوة تجمع بين العلم والإنسانية.

باختصار، تمثل الأطر المعدنية العضوية (MOFs) ثورة علمية حقيقية، إذ تجمع بين الدقة الكيميائية (Chemical Precision) والابتكار العملي (Applied Innovation)

وتجسّد رؤية الدكتور عمر ياغي في تسخير العلم لخدمة الإنسان، وتحويل التحديات البيئية الكبرى إلى فرصٍ للابتكار والحياة المستدامة.

Share This Article