Ad image

بين قانون السير.. ومبادرة الداخليه.. والكلاب الضاله

dawoud
2 Min Read

وكالة تليسكوب الإخبارية – بقلم ماجد ابورمان
يبدو أن الدولة، وقد أعياها التفكير في الإصلاح الحقيقي، وجدت الحلّ السحري في الكاميرا. تلك العين الإلكترونية التي لا تنام، لا ترحم، ولا تُجادل. تُراقب المواطن كما لو كان مشروع جريمة، لا مشروع حياة. تحصي أنفاسه على الطريق، وتغرم قلبه قبل محركه. باسم “السلامة المرورية” تُقام الجباية، وباسم “النظام” تُزرع الكاميرات في كل زاوية، حتى صار الطريق العام حقلًا للتصوير لا ميدانًا للحركة.

وبينما تتضاعف المخالفات، وتتناسل الغرامات بلا منطقٍ ولا رحمة، خرج علينا معالي وزير الداخلية بمبادرةٍ لتغيير العادات الاجتماعية: يوم واحد للعزاء، وتقليل المهور وحفلات الزواج. مبادرة تبدو في ظاهرها رصينة، وفي باطنها إلهاء لطيف عن أصل الوجع. فالمشكلة ليست في عدد أيام العزاء، بل في عدد الغرامات التي تلاحق المواطن حيًّا وميتًا. وليست في ارتفاع المهور، بل في ارتفاع الضرائب والرسوم والسرعات الممنوعة.

ولعلّ مبادرة معاليه — إن كانت جادة — كان ينقصها البند الأهم: العقوبات في حال المخالفة!
أم سنرى قريبًا “كاميرات للعزاء” و“رادارات للمهر”؟
فما دامت الحلول عندنا تبدأ من جيب المواطن وتنتهي عند جيبه، فلا فرق بين مخالفة سير ومخالفة عُرس، كلاهما يُدفع نقدًا وتحت شعار “الالتزام بالنظام العام”.
المواطن يدفع الضرائب والمخالفات ولا يحصل على خدمات بل يقف على أبواب الدوائر الحكومية يستجدي الخدمه كاليتيم على طاولة اللئيم
وفي الجانب الأخر الحكومه تتعامل بخجل للتعامل مع قضية الكلاب الضاله لأن وراء الأكمة ماورائها
نحن مع تطبيق القانون بكل صرامة على المخالفات الكبيرة التي تزهق الأرواح — من سرعةٍ متهورة، أو تجاوزٍ قاتل، أو استهتارٍ بأرواح الناس. فالقانون هنا واجب وعدل.
لكن أن توضع كاميرا حزام أمان في سوق الرابية، حيث أعلى سرعة مسموح بها عشرون كيلومترًا فقط، فذلك ليس تطبيقًا للقانون، بل استفزازًا للعقل والمنطق. كأننا نُعاقب المواطن على حركته البطيئة بدل تهوره، وعلى التزامه بدل مخالفته.

القوانين لا تُقاس بعدد كاميراتها، بل بعدالة نيتها. وما نحتاجه اليوم ليس مبادراتٍ لتجميل الواقع الاجتماعي، بل شجاعة سياسية لمراجعة كل ما يجعل المواطن متهمًا في وطنه. فالوطن الذي يتحوّل إلى كاميرا مراقبة، لا يرى أبناءه إلا كأهدافٍ متحركة، ولا يسمع منهم سوى صوت الغرامة.

Share This Article