وكالة تليسكوب الإخبارية – بقلم م. محمد عواد الشوبكي
تحالف المصالح يهدد صندوق التقاعد: هل يتواجه الشباب المغرر بهم والمكاتب ضد المتقاعدين؟
في لحظة دقيقة من تاريخ نقابة المهندسين الأردنيين، يطفو على السطح تساؤل مثير للقلق:
هل نحن أمام تحالف غير معلن بين هيئة المكاتب الهندسية وفئة من المهندسين الشباب لتصفية صندوق التقاعد، ضاربين بعرض الحائط مصلحة الوطن ومصالح عشرات الآلاف من المهندسين؟
لطالما كان صندوق التقاعد رمزًا للتضامن المهني والاجتماعي، يربط بين أجيال من المهندسين: من خدموا مهنة الهندسة لعقود، ومن يخطون أولى خطواتهم فيها. لكن في الآونة الأخيرة، ظهرت مواقف وتصريحات توحي بأن هناك اتجاها خطيرًا لتحميل المتقاعدين مسؤولية أزمة الصندوق، والتلميح بتصفية الصندوق أو رفع الاشتراكات بطريقة مجحفة، بما يخدم مصالح آنية لفئات محددة.
نتحدث هنا عن 24 ألف متقاعد ومستفيد، وأكثر من 30 ألف مشترك حالي، سددوا على مدار سنوات طويلة مبالغ ضخمة من قوتهم، على أمل أن يكون التقاعد مظلة أمان وكرامة. فهل يُعقل اليوم أن يُختصر هذا التاريخ الطويل في ميزانية عاجزة أو نظرة حسابية باردة؟!
تحالف مصلحي… لا إصلاحي
ليس من الغريب أن تسعى بعض المكاتب لتقليل التكاليف، وأن يطمح بعض الشباب لتحسين شروط الاشتراك. لكن الخطير أن يتحوّل ذلك إلى تحالف مصلحي قصير النظر، يدفع نحو تحميل المتقاعدين وحدهم كلفة الإصلاح، أو نحو وقف نظام التقاعد وتحويله إلى “صندوق استثماري خاص” يُدار بمنطق السوق لا بمنطق النقابة.
إن أخطر ما في هذا السيناريو أنه ينسف مفهوم التضامن المهني الذي قامت عليه النقابة، ويحوّل الصندوق من مشروع جماعي إلى ساحة صراع بين الأجيال والمصالح.
ما المطلوب؟
نحن بحاجة إلى وقفة ضمير، لا إلى صراع أجيال.
نحتاج إلى خطة إنقاذ شاملة، عادلة ومتوازنة، تعيد الثقة في الصندوق دون سحق الحقوق، وتراعي الفئات كافة:
• المتقاعدون: من حقهم الاستمرار في استلام رواتبهم بكرامة.
• المشتركون الشباب: من حقهم رؤية مستقبل مستقر وجذاب للصندوق.
• أصحاب المكاتب: من حقهم أن يروا مرونة في الاشتراكات، دون أن يكون ذلك على حساب استقرار النقابة.
لكن أي حل يجب أن ينطلق من المصلحة الوطنية والمهنية العليا، لا من تحالفات ظرفية هدفها التخلص من عبء صندوق، هو بالأصل نتاج سوء إدارة متراكمة، لا تقاعس المتقاعدين.
الكلمة الأخيرة
صندوق التقاعد ليس عبئًا… بل هو أحد أعمدة الكرامة المهنية في الأردن.
وتصفية الصندوق أو شيطنته لن يكون إنقاذًا، بل هدمًا مؤسسيًا له ما بعده.
فلنتحاور، نعم.
فلنختلف، نعم.
لكن دون أن نسمح لتحالف المصالح أن يتغوّل على الحق، أو أن يُفتّت جسد النقابة من داخله.
م . محمد عواد الشوبكي