وكالة تليسكوب الاخبارية – بقلم الكاتب المهندس باسل قس نصر الله
استخدمتُ كلمة “خوف” لأن أميركا لا تقبل بأقل من أن ترتجف أقدامنا وتهلعُ قلوبنا وأن نخاف النوم لكي لا نحلم بالبعبع الإيراني التي رسمته هي في العالم منذ عام 1979.
بتاريخ 4 تشرين الثاني عام 1964، القى أية الله الخميني خطاباً أدانَ فيه قانوناً جديداً وضعه “رضا بهلوي” شاه إيران، حيث أعطى القوات الأميركية حصانة تمنع ملاحقتهم داخل إيران. وعندها يستطيع الأميركي الذي يقتل إيرانياً في إيران، أن يغادر البلاد، بينما الإيراني الذي يقتل إيرانياً آخر يمكن أن يُشنَق.
تراجعت الثورات القومية وفقدت بريقها، حيث كانت منظمات تحمل الصفات الثورية ذات الخلفية السياسية من أمثال “بادر ماينهوف – الجيش الأحمر الياباني – الحزب الإفريقي لاستقلال غينيا – الألوية الحمراء – الجبهة الثورية في السويد – الجبهة الساندينية للتحرير الوطني وغيرها الكثير” لذلك كان من الضروري أن تملأ هذا الفراغ منظمات أخرى ذات دافع آخر.
اختُرع قوس الازمات في سبعينيات وحتى ثمانينيات القرن العشرين على يد عدّة جيو-سياسيين أميركيين، منهم برنار لويس وصامويل هنتغتون وزبيغينيو بريجنسكي. وكان المطلوب هو إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط وفق هندسة متغيّرة، وذلك بزعزعة استقرار الدول ذات السيادة، وذات الهوية الوطنية، والقومية القوية، كالعراق وإيران وسورية على سبيل المثال وبتجزئتها إلى كيانات صغيرة على أسُسٍ طائفية ومذهبية أو عِرقية.
لقد قامت أميركا – لتحقيق ذلك – بإنتاج خلايا دينية تَقَوية لمحاربة “الكَفَرة” السوفييت في أفغانستان، حيث نَجَحت – الخلايا – في إخراجهم واستلام الحكم وقيادة المجتمع الأفغاني بقوانين إسلامية – الغالب منها – وضعها بَشَرٌ نسَبوها إلى الله.
أعجبت هذه الطريقة أميركا وخاصة أن المجتمعات الشرقية بشكلٍ عام، هي مجتمعات متديّنة محافظة.
ونتيجة تطوّر الأحداث في قلب أوراسيا وولادة الدولة الإسلامية في إيران، ذات التوجّه الشيعي، عملت الولايات المتحدة الاميركية ومنذ عام 1979 على زيادة الخلاف السني – الشيعي بعد فقدانها السيطرة على بلاد فارس بانتصار الثورة الاسلامية في ايران، وفي السنوات اللاحقة اعتمدت واشنطن على المنظمات الاسلامية الراديكالية كجيش خفي في حربها ضد السوفييت وفي العراق وليبيا وسورية.
ظَهَر الإرهاب في أوراسيا حيث ألبسته أميركا صفة دينية وربطته بالثورة الإسلامية في إيران وكان هدفها تصوير إيران بأنها مركز هذا الإرهاب، علماً بأن الرئيس الأميركي “باراك أوباما” في مقابلة له مع صحيفة ذا اتلانتيك THE ATLANTIC في عددها الصادر في نيسان 2016 قال: “إن الغالبية الساحقة من منفّذي هجمات الحادي عشر من أيلول عام 2001 “15 من أصل 19″، هم من السعوديين وليسوا من الإيرانيين، ومطالبته السعودية بالتوصل إلى “سلام بارد” مع إيران، واقتسام منطقة الشرق الأوسط معها”. علماً بأن هذا الإعتداء الرهيب الذي ضرب في عمق أميركا هو جريمة، ارتكبها أصوليون إسلاميون. وهو يشكل الذروة القصوى في سلسلة أعمال إرهابية سلكت خطّاً تصاعدياً، إدّعت هذه “الأميركا” أن نقطة إنطلاقه يعود إلى العام 1979، الذي شهد انتصار الخميني في إيران واجتياح الجيش السوفياتي أفغانستان، الذي أعتقد – كما الكثيرون – أن أميركا هي التي أوجدته.
كانت أميركا وراء تدخّل “صدام حسين”، لمحاربة إيران من أجل اقتسام مياه شط العرب، وهي التي كانت توهم العرب وإيران “الشاه” بأن حقول البترول في الإتحاد السوفياتي ستنضب قريباً وعندئذٍ سيشنّون هجوماً لاحتلال آبار البترول الخليجي.
إن إيران تهمّ أميركا حيث كانت واشنطن ترى في ايران حلقة ربط مهمة في محاصرة روسيا، لذلك هي تريد تخويف المنطقة منها تمهيداً لإنتاج نظامٍ “على مِزاجها” وينفّذ مصالحها ولو كانت على حساب مصالح إيران.
لن تقبل أميركا بطبقة سياسية في إيران تستخدم لغة هادئة وتصالحية، إنها تريد إيران “بعبعاً” فإنّهم لن يقبلوا النظام الإيراني في السلطة، إلا إذا كان مشابهاً لدوره أيام الشاه.
وعندما أقول إيران فهي حلَقة من سلسلة، ففي تشرين الثاني 2001 م، في أثناء اللقاء مع أحد كبار الضباط في وزارة الدفاع الأميركية، أعلن الجنرال “ويسلي كلارك” أن الحرب، التي خُططت ضد العراق – حيث نُفِّذت في 2003 – ليست سوى جزء من حملة، العراق ثم سورية ولبنان وإيران والصومال والسودان ثم قال: “إن الحرب لم تُستخدم كوسيلة أخيرة، وإنما كأداة أفضل”.
إيران يجب أن ترمز إلى الإرهاب وهو مختصر المقالة
اللهم اشهد اني بلّغت